الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
“هناك من يقول إن النساء يردن أن يتحول الحب إلى رواية، والرجال يريدونه قصة قصيرة، ويرى بعض النقاد أن فن القصة هو الأكثر تعبيراً عن حالة هذا العصر بما فيه من تجزئة وتفتت” بهذه الكلمات استهلت محاضرتها الدكتورة رشا العلي من على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب تحت عنوان “ملامح الحداثة في القصة العربية القصيرة” ضمن فعالية اليوم الثالث لمهرجان الميماس الأدبي بحضور نخبة من أعضاء الاتحاد ورواده.
أشارت العلي لكون القصة فناً جامعاً للمتناقضات، وحداثياً بطبيعته كونه يعتمد على التجريب والمراوغة والتفاعل الحي مع الأنواع والفنون الأخرى، ويسعى إلى تجاوز النمطي والسائد والأشكال الجاهزة، فبدت القصة أقرب إلى الحالة التجريبية المتمردة.
وأضافت الدكتورة رشا: قبل الخوض في الملامح الحداثية لابد أن نشير إلى أن سعي القصة القصيرة الجديدة إلى خلخلة السرد التقليدي جاء تلبية للذوق الحالي وتعبيراً عن واقع متغير له أسئلته الخاصة وتلبية لطموح بعض كتاب القصة في التفرد والتميز، وهذا يتوافق مع معنى الحداثة التي لا يميزها التفرد فقط ولا الطاقة المفعمة بالحياة..
كما تلامس الحداثة هوية الشخص المبدع الباحث عن التفرد والاختلاف ليصنع لنفسه بصمته الإبداعية الخاصة رافضاً الرضوخ إلى التقاليد الموروثة المقيدة للإبداع.
من هنا نشأ جيل قصصي جديد أطلق العنان لإبداعه شكلاً ومضموناً مستثمراً المرونة والانفتاح على غيرها من الفنون ومن يتابع مسيرة القصة القصيرة يرى أنها لم تتجمد عند قالب معين أو موضوع معين، وبقي بابها مفتوحاً لاستقبال كل التحولات..
قامت العلي بتسليط الضوء على بعض التجارب القصصية قائلة: تدخل القصة أحياناً نسق اليوميات مثل قصة “أوراق شاب عاش من ألف عام” للكاتب جمال الغيطاني، وأحياناً تدخل القصة نسق الرسائل كما في قصة “حريق القاهرة” للشاروني إذ يقدم مجموعة من الخطابات المتبادلة بين الأستاذ لطيف وابنه توفيق..
وقد تأخذ القصة شكل الرواية القصيرة أو ما يسمى بالنوفيلا فتكون نوعاً من تلخيص رواية طويلة في قصة مثل “شبان و غانيات” مجمود تيمور..
وأما طالبة الدكتوة رشا سلوى شاهين فتناولت في مداخلتها التجربة القصصية لقمر الكيلاني بهدف تسليط الضوء على النص النسوي من خلال التعرف على الإنتاج القصصي للأديبة قمر كيلاني بوصفها إحدى أهم أعلامه لتقول: بدأت الكيلاني كتاباتها الأولى في مجلة جامعة دمشق، وكانت توقعها باسم “رائدة النبع” غير أنها لم تلبث أن أعلنت بجرأة عن اسمها الحقيقي لتكون واحدة من الأقلام النسوية القليلة والرائدة في مجال القصة.
رغم انتماء الكيلاني للرعيل الأول من النص النسوي إلا أنها أثرته بما قدمت من مواضيع متنوعة تخص المجتمع والمرأة، لذلك تعد نموذجاً هاماً للتعرف من خلال إنتاجها القصصي على وجهة نظر الكاتبة إزاء مختلف قضايا المجتمع..
عمدت الكيلاني إلى تقويض النظرة الذكورية للمرأة، فكانت كتاباتها محاولة لصنع ذات متماسكة لها حضورها الدائم والفاعل في مختلف المجالات، فلم يقتصر على المضامين الذاتية، وإنما تشعب لمضامين أخرى، تعد الكيلاني من الأديبات اللواتي أمنَّ بمقدرة الفن القصصي على التعبير عن معاناة الإنسان وهمومه، وعن قضايا المجتمع من خلال رؤية ذاتية، وأفق وطني وإنساني يتجه نحو خلق واقع أفضل معلنة التزامها ببيئتها المحلية.