الملحق الثقافي-غ – ش:
تحت عنوان «قلبي في الجبال» أصدر اتحاد الكتاب العرب كتاباً عن شاعر داغستان الكبير رسول حمزاتوف وذلك بمناسبة الذكرى المئوية لمولده والتي صادفت الثامن من أيلول الماضي والكتاب الجبال» من إعداد وترجمة إبراهيم استنبولي.
تميز حمزاتوف بمعرفته المبكرة ومن ثم الواسعة بالثقافة العربية ذلك أن والده الشاعر حمزة تسادسا كان يقرأ ويكتب بالعربية، وكانت لغة رسمية لداغستان، حيث أتيح له أن يتعرف على دواوين «شعراء العرب الفحول كالمتنبي وأبي تمام والبحتري والفرزدق وجرير وحسان بن ثابت وأبي العتاهية والأخطل وعنترة وعمر بن أبي ربيعة»، كما يشير د. بشار الجعفري في تقديمه للكتاب.. وقد كتب أكثر من مئة كتاب في الشعر والنثر.
«رسول» هو الاسم الذي أطلقه عليه شيخ مهيب ولذلك قصة طريفة ضمن تقاليد راسخة يرويها حمزاتوف كما لو أنه يستعيد حكاية أسطورية جميلة : رفعني الشيخ على يديه عالياً وقال: يجب أن يكون اسم البنت شبيهاً ببريق النجم أو رقيقاً مثل زهرة. أما اسم الرجل فيجب أن يعكس رنين الخنجر وحكمة الكتب.. وقد عرفت الكثير من الأسماء بينما كنت أقرأ الكتب، وسمعت أسماء كثيرة من خلال قرقعة الخناجر، وإن كتبي وسيوفي تهمس لي باسم واحد: رسول».
يروي المترجم حادثة ذات دلالة عميقة عن حساسية حمزاتوف العالية باللغة والشعر، ففي زيارة له إلى بغداد كان في ضيافة نادي اتحاد الأدباء، وقرأ «فاضل الربيعي، وهو يترنم، لرسول قصيدة منشورة في جريدة الشعب- الحزب الشيوعي العراقي- فسأله حمزاتوف بانزعاج: لمن هذه القصيدة السيئة؟ فخجل فاضل من أن يقول له إنها قصيدتك، وقد ترجمها فلان للعربية، ففطن رسول وقدحت عيناه فقال: إذا كانت هذه قصيدتي، فهذا يعني أنني شاعر سيئ»… ولا بد من الإشارة إلى أن حمزاتوف كان على معرفة وعلاقة مع عدد كبير من الأدباء والشعراء العرب..
ويلفت شاعر الشعب في داغستان ماغوميد أحميدوف إلى أن « الشعر عند رسول حمزاتوف بمثابة كتاب واحد وحيد، كتاب الحكمة والبسالة، كتاب المحبة والألم، الصلاة واللعنة، الحقيقة والإيمان، النبالة والخير، كتاب اللحظات العابرة منها والخالدة».
حمزاتوف يرى أن الشعر شاهد على الزمن، وقد كان يردد، وفق أحميدوف، أن الزمن مكون من ساعات ودقائق وأن الشعر هو الشاهد على جريانه، وأن على الشاعر أن يلتقط اللحظة وأن يتلمس عمقها ويتحسس كل خطوة على أنها جزيء من الأبدية.
وعن قوة حضور الشعر وأثره العميق في الحياة والناس ينقل الناقد فالنتين أوسيبوف عن حمزاتوف قوله: احتاج القياصرة لمئة سنة لكي يخضعوا بلدي بقوة السلاح، في حين أن ليرمنتوف، الذي كانت حياته قصيرة، تسلح بالشعر فقط لكي يجتاح وطني.
توفي رسول حمزاتوف عام 2003 بعد أن ترك وراءه ما يقارب المئة كتاب في الشعر والنثر نال بعضها شهرة واسعة مثل كتابه «داغستان بلدي»..
جاء الكتاب في «414» صفحة من القطع الكبير يتضمن عدداً من المقالات والدراسات التي تناولت جوانب من حياة الشاعر وإبداعه وعلاقاته مع أدباء ومبدعين من مختلف أنحاء العالم.. كما يضم طيفاً غنياً من قصائده الشعرية التي تقدم صورة من خفق كلماته في سماء هذا الفن.
العدد 1166 – 7-11-2023