في كتابها “التفكير ضدّ المعرفة” تذكر (حنا أرندت): “إن حاجة العقل لا تُستلهم من قِبل البحث عن الحقيقة ولكن من قِبل البحث عن المعنى”..
حين قرأتْ هذه العبارة فكرتْ بين الحقيقة والمعنى تتجلّى وتتلخص كل الحكاية حتى لو أردنا نسيان حاجة القلب.
ويبدو لها أن حاجة القلب تتمثل في خضم وأثناء أي قصة أو مغامرة نحياها، ثم بعد الانتهاء منها حين تصبح ماضياً، نلوذ احتياجاً للعقل.
الآن هي تبحثُ عن “المعنى” مما جرى ولا يهمها معرفة “حقيقة” ما جرى.
مع أن (كارل بوبر) في كتابه “بحثاً عن عالم أفضل” يصل إلى خلاصة: (إن المعرفة تتكوّن بالبحث عن الحقيقة)..
لعل كلامه يتجه نحو أهمية معرفة الحقائق الكبرى، مثل الصراعات الكبرى كما جرى، ويجري دائماً، في منطقتنا..
وبالتالي.. توازي هنا “المعرفة” وتعني تماماً “الحقيقة”..
لكن ماذا عن حقائق صغرى.. تتناسب تماماً وعوالمنا الخاصة التي نخلقها تشاركاً مع (الآخر).. ماذا عن نشوء معرفة ناجمة عنها وعن الدروس التي تُلقننا إياها..؟
النتائج.. المعاني.. وربما الحقائق.. تكون على مقاس كلّ منّا..
فلكلّ رؤيته وقناعاته الخاصة.. وبالتالي تحليله وفهمه الخاص..
المشكلة تكمن بالبحث عن رقعة مشتركة.. عن تقاطعات لكلّ من مفردات (المعنى، الحقيقة، المعرفة) لدى أنفسنا انسجاماً مع (الآخر)..
ولا يهم حينها إن كان الأكثر صوابيةً (البحث عن المعنى) أم (البحث عن الحقيقة).
حقيقتها الكبرى كانت بالبحث عن معنى “معه” وحده دون غيره..
لأن الحبّ يمنح كلّ المعنى ويزيل “اللامعنى” من حياتنا.
وتفرح لأجل تلك الحقائق الصغرى.. والمعاني الأصغر التي صنعتها بحضوره.. ويغمرها شعور يقيني، بعيداً عن أي معنى، أنها وُجِدتْ في قلبه.. وشاكستْ لبعض الوقت خلقاً لمشتركات حتى لو لم تكن مستمرة..
إذاً.. وعلى المستوى الفردي..
هل يهمنا المعنى.. أم تعنينا الحقيقة.. حين نحيا حكايا.. ونمضي أوقاتاً غير مستمرة..؟
كل المعنى وكل الحقيقة.. تتمثل حينها.. على هيئة حبّ حتى لو كان ماضياً وانتهى.