الثورة – فاتن دعبول:
لا تزال بعض المصطلحات تأخذ حيزاً كبيراً من النقاش والجدل، بالرغم من أنها في ظاهرها تبدو بدهية ولا تحتاج عناء لفهمها، وتمثل مضمونها وترجمتها على أرض الواقع فكرا وسلوكا.
في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب وبالتعاون مع جمعية البحوث والدراسات، كانت الندوة التي تناولت مفهوم الانتماء والهوية الوطنية بإدارة ومشاركة الدكتور إبراهيم سعيد.
وبين الدكتور إبراهيم زعرور أهمية العودة إلى هذه المفاهيم القيمة وترسيخها في فكر ووجدان هذا الجيل، مشيراً إلى أن ما يقوم به المجاهدون في غزة في طوفان الأقصى هو أكبر من أي كلام وأي فعل، وبصمودهم سيحققون النصر القريب إن شاء الله.
الوطن هو الأسمى
وتحت عنوان “الهوية الوطنية بين الانتماء والولاء” بين الدكتور عيسى الشماس أن المواطنة تستند على ركائز أساسية، أهمها “سيادة الشعب، مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والمشاركة في الحياة العامة.
أما الوطنية هي الإحساس بالوطن وامتلاك الصفات الوطنية من حب ورغبة في الذود عنه، وهي أيضاً الشعار الذي يميز المواطن المنتمي إلى وطنه من غير المنتمي، وهي أكثر عمقاً من صفة المواطنة، ويمثل لها بعناصر ثلاثة “انتماء، مواطنة، ولاء”.
ويخلص إلى الحاجة الملحة في وقتنا الحاضر إلى تركيز التربية الوطنية على المواطنة الصالحة التي تستند إلى تعميق الانتماء الحقيقي وتعزيز الولاء الحقيقي لأنهما العاملان الأساسيان في تعزيز المواطنة والوطنية بالنظر إلى الوطن كحالة مقدسة لا يجوز المساس بها، لأن مصلحة الوطن هي الأسمى والأغلى، والوطن هو منطلق الوجود وسيرورة الحياة.
هو الجذور
وتوقف الدكتور سليم بركات عند مفهومي الانتماء والهوية الوطنية وبين أن ثمة تطابقاً في مفاهيم الأمة والقومية والدولة، فعوامل القومية هي “اللغة، التاريخ المشترك، الجغرافيا والإرادة المشتركة” والعرب يملكون هذه العوامل جميعها.
ولكن الوطنية تعني الانتماء إلى المكان الذي نشأ وترعرع فيه، يدافع عنه ويحميه ويبذل من أجله دمه، إنه الوطن الذي نرتبط به ونحنّ إليه وتشدنا جذوره إليه.
ويرى أن مفهوم الهوية الوطنية يعني انتماء الإنسان إلى منظومة من القيم والمشاعر والاتجاهات في سياق تاريخي وراهن لأي دولة، ولكن المجتمع السوري يتميز بتعدد ثقافاته ويرتكز على أساسين اثنين “الثقافة العربية والبعد الإسلامي” وفيه كل شيء مشترك “وعي وهدف” بالرغم من وجود بعض التحديات التي يجب أن تواجه بالارتقاء إلى البعد الوطني القومي الديمقراطي، والسوريون جميعا معنيون بإيجاد مربع وطنيتهم” وعيا وسياسة وثقافة وانتماء للخروج من واقعهم”.
علاقة جدلية
بدوره بين الدكتور إبراهيم سعيد أن الشعور بضرورة التوجه الإيجابي نحو الآخر ومشاركته بمشاعر مختلفة تفيد المصلحة المشتركة المبنية على البعد التاريخي والواقعي والبعد المستقبلي، هو الانتماء بعينه، الذي يبني حالة اجتماعية وثقافية وسياسية حيوية تدعى بالهوية.
الانتماء والهوية وجودان يكمل أحدهما الآخر، ويوجه أحدهما الآخر نحو الطريق المناسب والهدف الصحيح، وهذا التعانق الجدلي بينهما المؤثر والمتأثر، هو متبدل وفق حركة تاريخية متبدلة، تفرض قوانينها على المتغيرين في درجة وقوة العلاقة بينهما.
وخلص د. سعيد إلى جملة من العوامل تساهم في إعادة حالة التوافق الإيجابي بين الانتماء والهوية، وأهمها العمل على تحرير الأرض السورية من الإرهاب، وتأمين الحاجات الأولية من الخدمات لأفراد المجتمع كافة، ومن ثم محاربة الفساد والفاسدين ووضع معايير دقيقة وتنفيذها بشفافية “الحوكمة”
وأضاف: من الأهمية بمكان وضع استراتيجية ثقافية تنمي الانتماء للوطن وللعروبة وتحافظ على الهوية الوطنية والانفتاح العروبي الإنساني.
واختتمت الندوة بنقاش كان قاسمه المشترك على ترسيخ فكر الانتماء والهوية والمواطنة في عقول أبنائنا، فما أحوجنا إليهم اليوم.