الملحق الثقافي- فخري هاشم السيد رجب :
عبارة متداولة على لسان الكثر ممن يقتحمون عالم التحليل السياسي، أنا وأمثالي لانختلف مع أصحاب هذه الذهنية والعقلية في التفكير، ولكن في السياق العام حكماً وفقط، ذلك أن جزءاً من المحللين يعتبرون أن ما يحصل محاك مسبقا وفق خطة أميركية وهو أمر أكثر من مستحيل لأننا لوسلمنا بهذه الفرضيه أوالنظرة، لكان علينا أن نسأل سؤالين مهمين
الأول: هل الطوفان جزء من هذه المؤامره؟…والثاني هل القسام عميل مثلاً؟؟
هذا مستحيل وكلام هراء…
أميركا تريد إنقاذ الكيان الاسرائيلي مع تقليل الخسائر القادمة لذلك تحاول جاهدة الإسراع بإيجاد حل للاحتلال الإسرائيلي التي اخترقت وخالفت حتى قوانين الحرب، حيث كان الفلسطيني الذكي وصاحب الحق والأرض المعجون بعقيدة الشهادة أو النصر، الفلسطيني الذي استطاع تصنيع صواريخ ومسيرات تحت الحصار، هذه الأسلحة التي فرضت على الأميركيين اتخاذ قرار لم يكن يوماً في الحسبان وهو إعادة القبب الحديدية الفاشله فشلاً ذريعاً، والتي كلفت ملايين الدولارات (لتُردَ بضاعتهم إليهم )، أما دبابة الميركافا والتي تبلغ تكلفتها ثمانية مليون دولار فقد أحرقها الفلسطيني بصاروخ ياسين الذي لاتبلغ تكلفته خمسمئة دولار، ورغم أن الغرب لايتحدث عن هذه الوقائع لأنها تشكل فضيحة كبرى إلا أن الصور والتقنية الحديثة كانت كفيلة بإظهار هذه الوقائع بل حتى أن (إسرائيل) وبلسان إعلامييها وبعض جنرالاتها قد أعلنت صراحة أنها في نكبة حقيقية،
نكبة لايقل الضجيج واللغط حولها عن العار الذي يجلل مساحة كبيرة من هذه الأمة(مع التذكير أننا نتحدث عن أمة إسلامية) وطوفان الأقصى عنوان كبير لعزتها وإسلامها… ولكن الذي تبدى يحكي عن خيانة غير مسبوقة، فالمقاومة صمدت لأكثر من شهر وبدون أي دعم عربي يذكر، وعسكرياً هذا الكلام معناه أن مشروع الهجوم على غزة فاشل ، وقوات الاحتلال لن تستطيع البقاء في غزة حتى لو دخلتها، لأنهم سيتحولون إلى صيد ثمين للمقاومة، المقاومة التي أرادوا تركيعها بالقصف الجوي لكنهم فشلوا، رغم ارتفاع عدد الشهداء والمصابين والمهجرين لكن المقاومة صامدة وكأنها تحركت للتو، وهاهي سلطات الكيان المحتل تعترف بخسارة هذه الحرب بدليل أنها تسعى لهدنة أو اتفاق وقف إطلاق النار تحت مسميات إنسانية لاتمت لها بصلة، للمقاومة، أما موضوع الأسرى فهو ورقة استراتيجية على المقاومة أن تتمسك بها بقيادة القسام وان لا يتركوا للمحتلين ومن معهم مجالاً لتمرير ألاعيب سخيفة مثل فكرة حل الدولتين التي يتحدثون عنها اليوم، وتعيين (رئيس محب للسلام في غزة).
إن المقاومة لديها مفهوم ثابت وهو أنكم كيان احتلال ولا وجود لدولتين كما تتوهمون.. ولن نذهب بعيداً فقد فضحكم إعلامكم الذي لايملك اليوم إلا الندب والاستغاثة واللعب على ورقة الكذب.. مع علمنا يقيناً بأن المباحثات مع أطراف تقول إنها عربية قائمة وعلى مدار الساعة لحلحلة الوضع ولو بشكل إسعافي ولكن اليوم ليس كالبارحة.
عندما غير نظام الانتداب البريطاني سياسته في فلسطين والذي كان يسمح ببيع الأراضي وشرائها دون إزاحة السكان الذين يعيشون عليها منذ قرون.. تدخلت المنظمة الصهيونية التي لم يرضها ذلك فطلبت الدعم البريطاني، وهنا كان الجزء الأسوأ في السياسة البريطانية عام١٩٤٨ لأنها كانت مسؤولة عن القوانين الملزمة باحترام السكان، لكن المنظمة الصهيونية بدأت بالتطهير العرقي مستهدفة المدن الفلسطينية وليس الأرياف لأنهم يعلمون أن الطبقة السياسية والثقافية تقطن المدن الكبرى ،لتغادر بريطانيا فلسطين وتعلن الدولة اليهودية، حيث تم تفريغ حيفا ونابلس وبيسان وصفد ويافا،
إحدى عشر مدينة فلسطينية تم تهجير سكانها بطريقة تشبه ما حصل بعد عام ٢٠١٢ في سورية والعراق وليبيا واليمن.. هكذا كان قدر المدن الفلسطينية حيث لم يكن هناك اختراعاً اسمه التلفزيون بعد.
السجل البريطاني ملطخ بدم الفلسطينيين، لأنه المتورط الأساسي، ومازالت دول الاتحاد الأوربي تُعدُ الوصفات الجاهزة ليهود الاحتلال
وما على سلطات الاحتلال إلا أن تقول للقادم إليها هناك بيت وعمل وجنسية فقط أثبت أنك يهودي.
شعب كالشعب الفلسطيني الذي تحول بكل أطيافه إلى أسطورة العصر لن يقهر ولن يستكين …
صحفي من الكويت
العدد 1168 – 23-11-2023