الملحق الثقافي- غادة فطوم:
الدماءْ جفّتْ في العروقِ
وأبتْ سلوكَ الطريقِ
وغزّةُ تخوضُ الإعصارَ
في بحرها الغريقِ
على العيون أشلائي ارتمتْ
مصلوبةً من همجيّةِ إعصار الريحْ
أصرخُ… خارجِ حدودِ
المدى
أصرخُ… وأعبثُ
بألوان الردى…
أصرخُ… وأصرخُ
يا غضبَ القوافلِ أمامَ انهزامِ
الريحْ
أنا الوحيدةُ
أنثرُ طهارةَ الأرضِ على الحياةِ
أنفاسي زرعتها في الفضاءِ العابرِ
لتولد نجومٌ أُخرى
وأغصانُ زيتونٍ
تقطفُ قلب الطفل والشيخِ
والوليدِ
أنا غزّةُ… أنا العنيدةُ
سأُبعد عني سقوطكم
وأُلقي في البحر هراواتِكمُ
وأنتظرُ
خلف الجدران… على أسطحةِ
المنازلِ
وراء الأشجار الثكلى
وأُباركُ
حزنَها.. عُرْسَها.. قهْرَها
وأبقى..
أمامَ الإعصارِ مصلوبةً بلا ماءٍ
بلا ثيابٍ
بلا ترابٍ
أو قبابِ…
أنا العنيدةُ…
أنا الوحيدةُ
أرممُ عقولَكُمْ… وأدْمغَتَكُمْ
أُعيدُ
قذارتكم لكمْ
وأترك أنوثة الأرض لي…
فأنا…
أنا الوليدةُ في المهدِ…
أقوى… وأعلى…
من صراخِ دباباتكم… وطائراتكم…
أنا الوليدةُ
لن أصْرَخَ… لن أبكيَ والديّ
لن أدعَ للجوعِ مكاناً في أحشائي
أو أترك الألم يحطّمُ جسدي
سأُغادرُ
هذا السريرَ بكلِّ كبرياء…
ولن تسمعوا… أيَّ صراخٍ لي
أنا الوحيدةُ العنيدةُ
أتركُ الأنينَ للصخور
وأُعيدُ الضجيجَ للقبورِ…
من أعماقها
تنادي أمام الطفلة الوحيدةِ
يا غضبَ القوافلِ والريحِ
أمام انهزامِ الروحِ…
يا غضبَ القوافلِ
لأميرةٍ أبى عصرُ الرجالِ
نَجْدَتَها
وتخلّتْ عنها عيونُ الدهرِ
ابنةُ العشرينَ يوماً
أشعلتْ قلوبَ الحجارةِ
وأنطقتها
ورسمت على جدران الريح
حياءَ اللانهايةِ…
أنا غزّةُ…
المتورّطةُ بعروبَتي
والمتورّطةُ بعقيدتي… وحبّي
أنا غزّةُ
الصمودِ الطويلْ…
العدد 1168 – 23-11-2023