الثورة – آنا عزيز الخضر:
على قدر ما يصوغ المحيط بناء الشخصية الاجتماعية والإنسانية، على نفس القدر، هو يمتلك مقدرة الكشف عن علاقة الإنسان بمن حوله، مع مجتمعه، مع نفسه مع أفكاره وهمومه.
التدقيق في ذلك يستحضر الكثير من الحاﻻت، والمشاهد الحياتية والحقائق الإنسانية، التي تستقطب وتدعو لمراجعة الذات، وكل ذلك ﻻ شك يستدعي ازدحاماً هائلاً من الاحتماﻻت، التي يعيشها الإنسان، عاكسة إياها على كل شيء.. موقفه من الحياة، ومن الآخرين..
من هنا كلما كان ذلك المحيط سليماً معافى، كلما كان موقف الإنسان أكثر صوابية من الحياة، ومن الإشكاﻻت، فهل ظروفنا المحيطه تتيح لنا هذه الفسحة؟..
تساؤﻻت تجسدها تفاصيل فيلم “غرباء” تأليف وإخراج” محمد الشيخ” إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
حيث يدور الفيلم حول رحلة إلى قلعة دمشق، تقوم بها مجموعة من شرائح مختلفة، ومن منابت متعددة، وأرضيات متفاوتة، بل واتجاهات متناقضة، والجميع يحمل همومه الفياضة، ليعبر عن كل ذلك كل منهم على حدة عبر الحوارات، التي حصلت في رغبة طافحة للبوح بالدواخل، وما يعتمل في العقول.. فتبرز الرؤيا والآراء وشكل علاقاتهم مع الحياة، ومع تاريخهم.
حول الفيلم تحدث الفنان “محمد الشيخ” قائلاً: “إن الإنسان بطبعه يبحث دائماً عن بيت لأسراره، وعن ملاذ يرمي به أعباء الحياة”، رحلة سياحية إلى قلعة دمشق، تجمع بين مجموعة من الأشخاص الغرباء، تأخذ بهم لمنعطف، يبتعد قليلاً عن الجدران الحجرية والآثار لتكون فرصة للقاءات لحظية ومعنوية بينهم، عبرت عن الكثير من الحاﻻت الغنية، والتي كان الحامل لها البعد والمناخ التاريخي للقلعة.
أهمية الفكرة أولاً: محاولة استغلال المكان، الذي نحن ملتزمون بالتصوير به وهو القلعة، من حيث بناء القصة والسرد، وكذلك خلق الكوادر السينمائية، وبكون الفكرة ترتبط بعلاقة الإنسان الحديث بهمومه وبالتاريخ، بحيث كانت القلعة هي نقطة استراحة وتلاقي الشتات الذهني لهؤلاء السياح.
تم بناء الشخصيات والكشف عنها من خلال الحوارات بينهم ومنولوجاتهم الداخلية التي تكشف الهموم الداخلية لكل منهم.
أما بالنسبه للأسلوب اعتمدت على تتبع الشخصيات بالكاميرا، واستخدام لقطات مستمرة، كما هو الاعتماد على الإضاءة الطبيعية، لخلق جو يتناسب مع الفكرة العامة، مرتبطة بالمكان بشكل وثيق، ومانحة المتلقي أفكاراً موحية بأبعاد أكثر عمقاً.