الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
فاجأت الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP28) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) العالم في يومها الأول، الخميس 30 تشرين الثاني الماضي. فقد وافق مندوبو أكثر من 160 دولة بالإجماع على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار رسمياً، وتعهدوا بتقديم أكثر من 400 مليون دولار لدعم دول العالم المعرضة للخطر بشكل خاص في جهودها للتعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ. وقد جلب هذا التقدم الرائد أخباراً طيبة كان العالم في أمس الحاجة إليها، مما أدى إلى زيادة الثقة والتوقعات بشأن نتائج هذا المؤتمر.
وكانت قضية التمويل بمثابة نقطة محورية في مؤتمرات المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة مؤخراً، مع مناقشات مطولة ومكثفة حول حجم المساعدات والتعويضات التي يتعين على البلدان المتقدمة أن تقدمها مقابل انبعاثاتها التاريخية، فضلاً عن سبل جمع الأموال وتوزيعها.
ومع ذلك، فقد أدت الضرورة الملحة لحالة تغير المناخ الشديدة إلى تحقيق إنجازات كبيرة، فقد التزمت البلدان المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار سنوياً لدعم تمويل المناخ. وكان إنشاء صندوق الخسائر والأضرار قراراً تم اتخاذه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في مصر عام 2022، لكن تنفيذه لم يكن سهلاً. لكن هذه المرة، قدمت العديد من الدول المتقدمة تعهدات تجاه الصندوق.
وتعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة، البلد المضيف للمؤتمر ، بمبلغ 100 مليون دولار، وألمانيا 100 مليون دولار، والمملكة المتحدة 40 مليون جنيه إسترليني (حوالي 50.6 مليون دولار) و20 مليون جنيه إسترليني لترتيبات أخرى، واليابان 10 ملايين دولار، والولايات المتحدة، المعروفة بمواقفها المؤثرة في التعامل مع قضايا المناخ، 17.5 مليون دولار فقط.
عندما يتعلق الأمر بالدفع، كشفت بعض الدول عن وجهها الحقيقي، إن المبلغ الذي تعهدت به الولايات المتحدة ضئيل جداً مقارنة بوضعها كأكبر اقتصاد في العالم والمسؤولية التي يجب أن تتحملها في معالجة تغير المناخ نظراً لأعلى انبعاثات الكربون التراكمية تاريخياً، مما أدى إلى انتقادات من المندوبين الحاضرين والخبراء الذين اعتبروا ذلك “مخيباً للآمال”.
يجب على واشنطن أن تشعر بالخجل حقاً، وتساءلت صحيفة نيويورك تايمز بصراحة في مقال نشرته في أيلول الماضي: إلى متى قد يستمر النفاق المناخي في أميركا؟ وجاء في المقال: “ليس جديداً أن يتأرجح الطموح المناخي والنفاق المناخي ذهاباً وإياباً مثل وجهي الصورة ثلاثية الأبعاد”.
ومن الأمثلة النموذجية الأخرى الجهود المتعمدة التي تبذلها الولايات المتحدة لجذب الدول الجزرية في المحيط الهادئ، وإنشاء سفارات جديدة وادّعاء مساعدتها في الحفاظ على “الأمن البحري”. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بقضايا المناخ التي تهتم بها هذه البلدان حقاً، تظهر واشنطن بخلاُ واضحاً.
وعلى أية حال، لا يجوز للولايات المتحدة أن تغيب عن معالجة قضية المناخ، وحتى لو اتخذت الدول الأخرى خطوات استباقية، فإنها لن تتمكن من ملء الفراغ غير المسؤول الذي خلفته الولايات المتحدة.
وعلى العكس من ذلك، إذا فشلت الولايات المتحدة في تقديم القدوة في ما يتصل بقضايا المناخ، فإنها تفقد تماماً مؤهلاتها لملاحقة الزعامة العالمية. وفي كل الأحوال، يتعين على واشنطن أن تتحمل التزاماتها ومسؤولياتها الواجبة. وينبغي لإدارة بايدن أن تستغل الوقت الذي قضته في السلطة وأن تُظهر موقفاً أكثر إيجابية تجاه قضايا المناخ للدفع نحو تحقيق تقدم جوهري فيها بمزيد من التصميم والقوة.
إن جدول الأعمال الحاسم لمؤتمر المناخ الحالي هو “التقييم العالمي”، حيث سيقوم كل طرف متعاقد بمراجعة التقدم والفجوات في تنفيذ الأحكام الرئيسية لاتفاق باريس. وسيتم التركيز أيضاً على “أربعة تحولات نموذجية”: التحول السريع للطاقة وخفض الانبعاثات قبل عام 2030؛ وتحويل تمويل المناخ، من خلال الوفاء بالوعود القديمة ووضع الإطار لاتفاق جديد بشأن التمويل؛ ووضع الطبيعة والناس والحياة وسبل العيش في قلب العمل المناخي؛ والتعبئة من أجل مؤتمر الأطراف الأكثر شمولاً على الإطلاق، وهذه أهداف طموحة بالفعل.
إن كيفية ضمان أن الجهد الجماعي للبشرية جمعاء يتضمن حسابات أنانية أقل على المدى القصير ورؤية أكثر طويلة المدى للمستقبل المشترك، وإجراءات مناخية أقوى، أمر بالغ الأهمية لمستقبل البشرية ومصيرها. ولا يمكن لأحد أن يتهرب من هذا الواجب، خاصة بالنسبة للبلدان التي تتحمل مسؤوليات والتزامات كبيرة.
المصدر – غلوبال تايمز