لم تتوقف مشاهد الدّم والقتل المتعمّد والضحايا التي تحت الأنقاض وهي تتصدّر الشاشات والشرائط الإخبارية لأحداث عاجلة تفطر القلب لشدة فظاعتها وبشاعتها، شهران من الزمن مرّا على أهلنا في قطاع غزّة كأعوام لن تنسى وفيضان الدّم كبركان لم يخمد، آلاف الشهداء غرقوا في دمائهم نتيجة عدوان إسرائيلي هستيري غاشم يصب جام غضبه على أناس أبرياء يستهدفهم في منازلهم وطرقاتهم دون تمييز أو رحمة ..
تبّت يد العدو الإسرائيلي التي تمتد كخلايا سرطانية، تقتل وتستبيح الطفولة وتعدّها في عداد الموتى، فمن المشاهد المؤثرة التي نشرت يوم أمس مشهد للطفلة الفلسطينية “ميس” ذات الاثنتا عشرة ربيعاً، مكفّنة بثوب أبيض كملاك، يفتح الكفن والدها، ليرينا جمال وجهها الملائكي، ويقول وهو في حالة يرثى لها “ميس تعد فنجان القهوة لأبيها فهي مدللته”.
استشهدت ميس وبقيت حلاوة هيل قهوتها عالقة في ذاكرة أبيها الذي لن يهدأ وتبرد نار قلبه حتى يعود إلى منزله المهجّر منه ولو بعد حين.. مبان سكنيّة لأهال عزّل ضمت جدران بيوتهم الصغيرة عائلات هجّرت عنوة، ومع هذا لم تلق الأمان بل أصبحت ركاماً..
حجارة فوق حجارة والمشهد المؤثر لاستنجاد الطفلة “ألما” وإخراجها مع أسرتها من تحت الأنقاض، بسبب قصف العدو الإسرائيلي الفاشي الذي يضرب بطريقة هستيرية كل ما يحلو له دون أي اعتبارات ودون أي رادع دولي وإنساني، أو صوت عالمي يأمره بالتوقف، لم يجد نفعاً .. بل على العكس، يروق لمصاصي دماء الشعوب المعتادة على مشاهد إراقة الدّم، و يروق له رائحة الموت في كل مكان فليس بغريب على عدو أن يتصدّر الأخبار بأفعاله الإجرامية، يظهر للعلن كاشفاً أذرعه الملوّثة بدماء الأبرياء، ليس العاجل الدماء التي أريقت والتي سقت أرض فلسطين الأبيّة وحسب، بل العاجل أنه في كل مرّة يزداد الفلسطينيون تماسكاً واصراراً على قضيّة وجودهم دون المساومة على حقّ العودة وتحرير الأرض ليقولوا للعالم اكتبوا ما شئتم على شرائط أخباركم العاجلة فما تكتبونه في الحبر نكتبه بالدّم فداء لفلسطين والمقاومة التي ستنتصر ولو بعد حين وهنا سنبقى.