رنا بدري سلوم
إن العين لتدمع أمام مشاهدٍ قاهرة لأسرى فلسطينيين عراة أمام جنود الاحتلال، يتصدّرون الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي بالأمس، والمتضامنون معهم يتفاعلون ويدينون هذا التصرف اللاأخلاقي أمام صمت دولي، وإن التضامن مع أهلنا في قطّاع غزّة، يكبر يوماً بعد يوم كلّ من حسب موقعه بعد شهرين من الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدوالإسرائيلي بحق أناس أبرياء، نتضامن مع أهلنا نتشارك القصص والصور على صفحات الفيسبوك والحالات عبر تطبيق الواتساب، ندين الأفعال اللاأخلاقية والجرائم المرتكبة بأقسى العبارات، تضامناً مع الحق والقضيّة، تضامن يخلق حالة من التلاحم وتوحيد الصفوف والرأي العام .
إنها رسالة إنسانيّة لابد من نشرها ونشرأخلاقيات الحرب ،التي لابدّ أن يتحلى بها المتخاصمون، فمن ضمن الصفحات صفحة أحد الأصدقاء الأدباء ذاكراً كتاب “الأخلاقيات والحرب” للكاتب ديفيد فيشر وخاصة بعد أن أثار غيظه مشهد الأسرى وهم جاثيون على ركبهم عراة أمام كاميرات العدو، تحدث عن أهمية حماية المدنيين خلال الصراعات المسلحة في ضوء ما وصفه “بحصانة غير المقاتلين” وعارض في هذا الصدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في كانون الاول 2008 وكانون الثاني 2009 باعتباره انتهاكاً واضحاً لهذا المبدأ.
وقال فيشر: “مثّل الهجوم على قطاع غزة خرقاً صريحاً لمبدأ حصانة غير المقاتلين وعلى خلاف ذلك ادّعت الحكومة الإسرائيلية أن قواتها هاجمت أهدافاً عسكريّة فقط وبذلت جهوداً كبيرة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، الواقع يشهد بوجود عدد كبيرمن القتلى في صفوف المدنيين الفلسطينيين وتضمن ذلك مقتل نساء وأطفال في مشهد مروّع تابعه العالم بأسره”.
ما أشبه الأمس باليوم، فالمجرم الصهيوني يكرر المشهد نفسه بأدوات مبتكرة وحرب إعلاميّة حديثة يتصدّر الشاشات وهو يقتل ويعذّب ويدمّر بآلاته الثقيلة التي تستهدف الأطفال والنساء والأبرياء، وفي نفس الوقت هناك الملايين حول العالم يوصلون صوت الفلسطينيين من أطفال يواجهون الطلقة بكلمة سنكبر ونثأر وسط دموع تبكي الحجر قبل البشر، أطفال لايعرفون الاستقرار والأمان منذ نشأتهم، يتعلّمون الصبر والبقاء والدعاء “يا رب دعنا نكبر وننتصر” .