الملحق الثقافي- رجاء شعبان:
أنت جبلي يا حبيبي…
اشتقت إليك ولا أقدر أن أقول ذلك
لأنّ الجبال ربّتني على الكتمان في حبها
لا أدري لماذا!
كنت أقول لها من دون كلام
لماذا يا جبال لا تحبّين بوحي بحبك؟
وكانت تقسو أكثر وترتقع بقامتها الشمّاء
قاسية بمعالمها… بحجارتها
وقد أخفت ليونتها بالشجر
وفي بواطنها من الماء
واختبأت بحبها عني بكل الطرقات والمنعطفات
والرعوش وبقايا الأشياء
لكن مشكلتي أني أرى عمقها
ولا أصدق إلا ضحكتها وهي تراني أغيب عنها
لماذا يا جبال…
أنا لم أعد أكترث لك
سأساكن السهول
وأعاقر المدن المتوحّشة
لترضي عنّي
أنا لن أحبك بعد
أنتِ مثل أمي قاسية
فقط عليّ
هل تريدين أن تصنعي مني جبلاً من الصمت مثلك؟
لا… لن أكون
أنا همستك فافهمي
فإما أن تقولي تحبّينني
أو أبحث عن كره أجمل من كتمك
لكن مَن سيغنّيك غيري
وقد فهم قصصك الحزينة
حين تكونين لوحدك
لا يؤنسك إلا وجع صامد أليم
يا جبال…
لطالما خاطبتك
وداعبتك
ورسمت منك وعليك القصص
ألا تذكرين طفولتي
وصبوتي التي ترى حجارتك أنعم من دثار البشر
ستبقين صامتة
وتموتين عني بغموض
وتنادينني في آخر أيامك
شاغبي على قلبي
فقد تعبتُ قسوتي
العبي بشعر أفناني.. بحجارتي
ضمّيني إلى صدرك
لأشعر أنّ كان لي قلباً
وما كنت ناسية
كنتُ حنونة
بل كل الحنان بقسوتي
لتبقي قوية
أيا أمي.. تكررك الجبال
ويكون قدري أن أفهم لغتها الكبيرة
أنا مجنونة يا جبال
لأظهر عظمتك
ففي جنوني رهبتك
يا أمي
أحبك
يا جبال أيامي
يا حبيبي أحبك
يا حنان أمي في صدري
وتلالي
يا ضحكة الدهر
في جبالي
يا كل قطرات المطر
يا آخر شهقاتي
وآمالي
العدد 1172 – 19 -12 -2023