عزة شتيوي:
هم بنك أهداف نتنياهو وأسلافه حين كانت ولا تزال بندقية الاحتلال وصواريخه وقذائفه وإرهابه تستهدف جميعها الأطفال في فلسطين وتحديدا في غزة .. فلم يكن المشهد غريبا على ممارسات الاحتلال حين نرى شهيدا في المهد.. وآثار الدماء على لعبته وأشلائه الغضة منثورة في المكان لتحكي حكاية طفل المغارة مجددا يوم قتل هيرودس كل الأطفال في فلسطين بحثا عن السيد المسيح ملك السلام، وهاهو نتنياهو يكرر الجريمة ويغطي الهزيمة التي حلت به بعد السابع من تشرين الأول المنصرم بقتل كل أطفال غزة وأمام مرأى العالم ودون أن تهتز لواشنطن وأوروبا قصبة وهم الذين صدعوا رؤوسنا بحقوق الإنسان وتحديدا الأطفال، فلماذا تصمت حكومات الحريات الغربية عن قتل آلاف الأطفال وهل هذه الأجساد البريئة هدف إسرائيلي مسبق النية أم فرضته طبيعة الحرب والقصف العشوائي والإبادة الجماعية؟!.
بالمرور السريع على تاريخ الهمجية الصهيونية بحق أطفال فلسطين نجد أنه ومنذ اغتصاب كيان الاحتلال لأرض فلسطين المحتلة كان هناك سياسة صهيونية في استهداف الأطفال الفلسطينيين حتى إنها أي “إسرائيل” بقرت بطون الأمهات الحوامل، ونكلت بالأطفال الذين تم نسيانهم من قبل عوائلهم أثناء التهجير وعمليات التهجير.
فتاريخ الإجرام الإسرائيلي حافل بالمجازر التي ارتكبت بحق الأطفال كمذبحة قرية دير ياسين التي وصف الكاتب الفرنسي باتريك ميرسرن التنكيل بأطفال القرية قائلا إن أفراد عصابتي الأرغون وشتيرن “كانوا يراهنون على نوع الأجنة قبل بقر بطون النساء الحوامل”.
وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي ٣٠٠ قاصر فلسطيني و٢٣ آخرين ارتقوا على يد المستوطنين، وكان استهداف “أطفال الحجارة” فعلا صهيونيا إجراميا واضحا من خلال استخدام جنود الاحتلال الهراوات الحديدية، والرصاص المطاطي، والغازات المسيلة للدموع في قمعهم، وحتى تكسير عظامهم واستهدافهم من خلال عمليات الخطف والقتل والاعتقال.
أما الفترة ٢٠٠٠ ـ ٢٠١٢م ارتقى ١٣٤٠ قاصرا فلسطينيا نتيجة الإرهاب الإسرائيلي بالإضافة إلى الاعتقالات والأطفال الأسرى في سجون الاحتلال.
كما ارتكبت “إسرائيل” جريمة تسميم الأطفال في محاولة منها لمنع انخراط الأطفال في أعمال النضال الفلسطيني، واستهدفت محاولات التسميم طلاب وطالبات المدارس ممن هم في سن الطفولة والمراهقة بعمليات تسمم جماعي من خلال الغازات السامة، لتمثل تلك المحاولات شكلاً من أشكال الإرهاب الإسرائيلي، ففي عام ١٩٨٣ تعرضت مئات الطالبات في المدارس الثانوية في الضفة الغربية إلى عملية تسمم جماعية عمت مناطق جنين، وطولكرم، ونابلس، والخليل، والقدس، وقد أثبتت نتائج الفحوصات المخبرية وجود مادة كيماوية سامة في دم المصابات، وهي عبارة عن أحد مشتقات مادة الأزيريدين، وجاء نثر تلك المادة بهدف إحداث عقم لدى الطالبات، وتحاول “إسرائيل” بشتى الطرق تعميم حالة قتل الأطفال الفلسطينيين حتى عن طريق إصدار فتاوى القتل وسبق وأن أصدرت فتاوى حتى بقتل الأطفال.
أما في عملية “طوفان الأقصى” وبحسب إحصاءات المستشفيات في غزة فإن نصف الشهداء من الأطفال دون الخامسة عشر ما يطرح تساؤلا هاما: هل هذه إستراتيجية صهيونية خاصة مع التخوف الإسرائيلي من العامل الديمغرافي الفلسطيني أمام عدد المستوطنين وهو ما بدأ يظهر في تصريحات متزعمي الكيان الإسرائيلي؟، لذلك من الواضح أن استهداف الأطفال خطة صهيونية لتحقيق عدة أهداف أهمها التخلص من مأزق العامل الديمغرافي الفلسطيني، بالإضافة إلى أن أطفال الحجارة هم قادة ومقاتلو حركات المقاومة الفلسطينية مستقبلا، والرهان الإسرائيلي على أن الأجيال القادمة من الفلسطينيين ستنسى ما فعلته “إسرائيل” سقط ويبدو أنه بات يعاكس كل توقعات الغرب، فالأجيال الفلسطينية أثبتت أنها تحمل قضية أرضها في وجدانها وإنها أجيال ربط القول بالفعل، فمن يقود عمليات المقاومة اليوم هم أطفال الحجارة والانتفاضات الفلسطينية بالأمس، لذلك تستهدف “إسرائيل” الأطفال، فهي تخشى أن يشتد عودهم وينضمون إلى صفوف المقاومة مستقبلا، فالأطفال في قطاع غزة هم وقود حركة المقاومة في المستقبل وهم الأمل الذي تصوب “إسرائيل” كل أسلحتها نحوه، لذلك تحول المهد إلى لحد .. وتقتل الجنين في بطن أمه، فهي تريد وأد المقاومة في مهدها.