ريم صالح:
من تحت ركام البيوت المدمرة، وفي زوايا الخيم المغمورة بالمياه، وفي ممرات المشافي والأسرة الملطخة بالدماء، ومن ثلاجات الموتى، تروي الطفولة الفلسطينية مأساتها، بأنه هنا وأمام مرأى العالم بأسره وبتوثيق عدساته الإعلامية هناك عائلات فلسطينية تباد يومياً، وعائلات تم مسحها كلياً من السجلات المدنية بفعل آلة الإجرام الإسرائيلية التي لم تشفق على رضيع في الحضانة لا حول له ولا قوة، أو طفل في حضن أمه يستمد منها جرعات الدفء والأمان والحنان.
طفل فلسطيني يرتقي كل ١٠ دقائق في قطاع غزة المنكوب حسب منظمة الصحة العالمية، لتعقب منظمة إنقاذ الطفولة على ذلك بالقول بأن عدد الأطفال الذين استشهدوا في غزة منذ بداية العدوان حتى يومنا هذا تجاوز العدد السنوي للأطفال الذين ارتقوا في جميع مناطق النزاع في العالم منذ عام ٢٠١٩.
بينما منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف أوضحت أن ٤٢٠ طفلاً يرتقون ويصابون يومياً في غزة محذرة من أن أكثر من ٨٠ ٪ من أطفال غزة يعانون فقراً غذائياً حاداً، وأن حياة قرابة مليون طفل فلسطيني في القطاع باتت مهددة، بينما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أكد أن 4 من كل 5 من الأشخاص الأكثر جوعاً في أي مكان في العالم، هم في قطاع غزة.
أما صندوق الأمم المتحدة للسكان فشدد على أنه رغم أن حصيلة العدوان تجاوزت الـ ٢١ ألف فلسطيني شهيد و٥٥ ألف مصاب، إلا أن حوالي ٧٠ ٪ من الشهداء هم من الأطفال والنساء حيث ارتقى أكثر من ٥٣٠٠ طفل، بينما هناك أكثر من ١٢٠٠ طفل عالق تحت الأنقاض أو مجهول المصير.
المكتب الإعلامي في غزة قال إن هناك شهيدا فلسطينيا يرتقي كل ٤ دقائق بينما هناك ٦ أطفال يرتقون كل ساعة والحصيلة يومية وإلى ارتفاع.
في غزة المنكوبة انكشف المستور وسقطت الأقنعة وباتت كل شعارات حقوق الطفولة في الحياة الآمنة الكريمة فاقدة للمعنى والجدوى الميدانية، فأين هي والأطفال يرتقون يومياً بفعل صواريخ تحرق أجسادهم الهزيلة؟!، وأين هي وهم إن لم يستشهدوا بقنابل الاحتلال الحارقة ارتقوا جوعاً أو عطشاً أو حتى خوفاً؟!، ففي القطاع المكلوم لا مكان آمنا، ولا خطوط حمراء تردع المحتل الغاصب عن ارتكاب المزيد من جرائمه التطهيرية، أو تلجم إيغاله المنفلت والمارق على شرعية ثبت هي الأخرى مدى هشاشتها.