فؤاد الوادي:
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عمد الكيان الصهيوني إلى استهداف أطفال فلسطين بشكل مركز وممنهج، وإلى الحدود التي تجاوز بها كل المعايير والقوانين والقيم الإنسانية والبشرية.
لقد كانت دعوات معظم مجرمي الحرب من مسؤولين وعسكريين إسرائيليين واضحة ومعلنة منذ بداية العدوان، بإبادة الفلسطينيين عن بكرة أبيهم، حتى أن ما يسمى بـ” وزير تراثهم” – طبعاً تراثهم المتخم في الإرهاب والقتل والإجرام – دعا إلى إلقاء قنبلة نووية وتدمير وقتل كل ما هو موجود هناك، لاسيما الأطفال الذين تخشاهم “إسرائيل” جيدا لأنهم يوما ما سيكبرون ويمسكون البندقية كما فعل آباؤهم وأجدادهم دفاعا عن أرضهم وحقوقهم التاريخية، واستعادة وطنهم السليب.
في البعد الاستراتيجي الصهيوني لاستهداف الاحتلال الإسرائيلي لأطفال غزة، يبرز على الفور الهدف الصهيوني من وراء هذا القتل الممنهج، والذي يتمثل بمحاولات “إسرائيل” المتواصلة لاغتيال الهوية والتاريخ الفلسطيني، واغتيال بذور النضال والكفاح الفلسطيني، وهي بذلك تضيف إلى سجلها الأسود مجازر وإبادات جماعية جديدة بحق الشعب الفلسطيني، لأن ما يجري اليوم لا يمكن للذاكرة أن تنساه، خصوصا، ذاكرة الأطفال التي حفرت فيها المجازر الإسرائيلية أوجاعاً وجروحاً عميقة لا يمكن أن تنسى أو أن تغيب للحظة واحدة.
إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين على وجه الخصوص، بات يعكس حالة الإفلاس التي يعيشها الكيان الصهيوني لعدم قدرته على تحقيق أي إنجازات عسكرية على الأرض، لكن الأهم في ذلك كله أن قتله للأطفال الفلسطينيين يجسد حقيقة الخوف الحقيقية المتأصلة في العقل الصهيوني من المستقبل الذي بات على قناعة تامة بعد طوفان الأقصى بأنه لن يكون موجوداً طالما أن روح وإرادة المقاومة الفلسطينية تتوارثها الأجيال جيلا بعد آخر.
وفي الوقت الذي وصفت فيه المنظمات الدولية قطاع غزة بأنه أصبح “مقبرة” للأطفال الفلسطينيين، قالت منظمة الإسكوا (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا) على لسان الأمينة التنفيذية للمنظمة إن قوات الاحتلال الإسرائيلية قتلت خلال حربها على قطاع غزة من الأطفال، بما يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في 22 حرباً حول العالم خلال 4 سنوات.
كما كشفت منظمات إنسانية وحقوقية، عن أن كل 15 دقيقة يستشهد طفل فلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي، كما أكدت مصادر أممية أن هناك آلاف الأطفال الفلسطينيين لا يزالون في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في مختلف أنحاء غزة.
وأكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن 120 طفلا فلسطينيا يستشهدون كل يوم جراء القصف الوحشي للاحتلال الإسرائيلي.
كذلك ذكرت منظمة “اليونيسف” التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من مليون طفل في القطاع يواجهون مصيرا مجهولا، لاسيما الذين يعانون من حروق مروعة، وجروح بالقذائف، وبتر للأطراف، في غياب المستشفيات الكافية لعلاجهم، وتقطع السبل أمام الإمدادات الصحية لهم.