ديب علي حسن:
كأن أوراق القدر هذا العام تخبىء لنا المزيد من سطور الألم الطويل الذي ما يكاد ينتهي حتى يبدأ ألم آخر..
هاني الخير الزميل والأستاذ بالنسبة لي في موكب الراحلين..
خبر ليس عاديا ولا عابرا وان كنا قد اعتدنا الموت والحزن ولكن ثمة جمر يشتعل في الدم والقلب مع رحيل كل زميل..
عندما يممت وجهي شطر دمشق عام ١٩٨٥م كانت أولى وجهاتي مكتباتها على قلة ما في اليد والجيب ومن باب المصادفة المحضة اني اتجهت الى مقهى الحجاز اذ كان يقام فيه معرض للكتاب.
اشتريت نسخة من كتاب يحدثونك عن أنفسهم…وأردت الخروج
ثمة يد تربت على كتفي ..وسألني هل تعرف المؤلف ..؟ نعم أعرفه بالاسم وأتابعه صحفيا ولكن لم ألتقه ولا مرة …أمسك الرجل بيدي وقال تفضل …مشى معي بضع خطوات …هذا هو المؤلف…عرفني به وكان يجلس مع الروائي العراقي مهدي علي الراضي..
لتبدأ بعد ذلك رحلة معرفة وصداقة وزمالة عمل وكنت فيها التلميذ الذي تعلم منه الكثير في التنقيب والبحث والتوثيق والاتجاه نحو الغرائبية في الكثير من التوثيق مثل ( كواليس المبدعين …واليوم الاخير في حياتهم وغير ذلك)
وكان لي شرف انه أول من نشر لي مادة في صحيفة الثورة القسم الثقافي عام ١٩٨٧م وكان رئيس الدائرة حينها الراحل حيدر علي وهاني الخير معاونه ..
وحين دارت الأيام وتم تعييني رئيسا لدائرة الثقافة وكان مايزال في العمل شعرت بالخجل منه ..فقلت له : ببساطة أنت أستاذي وأستاذ للجميع وانا هنا لعمل إداري أرجو بل أتمنى عليك أن تبقى لي الموجه والناصح انت ومن معك من الزملاء ..
هاني الخير ليس اسما عابرا في العمل الثقافي والصحافي السوري والعربي ..وهو الباحث والموثق والناشر أيضا اذ خاض هذه التجربة ومد يد العون للكثيرين من كانت تجربتهم الأولى.
هاني الخير الصحفي والأستاذ لم ولن تنساك مكتبات دمشق ودور نشرها أو مكتبات رصيفها وانت المؤلف الذي قدم أكثر من ٥٠ كتابا نذكر منها:
أشهر الاغتيالات السياسية..
تراث ومعاصرة ..لماذا انتحر هؤلاء ..
ظرفاء دمشق ..
وتراجم للعديد من الشعراء منهم ..احمد شوقي ..بدوي الجبل … أدونيس..محمد مهدي الجواهري …امل دنقل ..سعيد عقل ..مظفر النواب ..وغيرهم كثيرون .
مازلت أذكر اننا كنا نغرق في العمل كان يقول : مجد الصحفي لحظة مرددا ما قاله هيكل ليصل إلى القول نهايتنا نعي بعدة أسطر في الصحافة هذا اذا تم ذلك…
هل كان الأمر نبوءة ..ربما ..لكن كم هو مؤلم الا تجد ترجمة لسيرته الشخصية على الشابكة وهو من أوائل الصحفيين السوريين …
وداعا هاني الخير الزميل والأستاذ والمؤلف الذي رحل وحبر الأيام على يديه .