الثورة – ترجمة ختام أحمد:
في هذا العام شهد العالم أجمع الطبيعة البشعة والإجرامية للقوة الأمريكية، من تأجيجها للصراع العقيم في أوكرانيا إلى المذبحة الدنيئة في غزة، وتقف الولايات المتحدة مكشوفة الوجه وبشعة باعتبارها الممول الرئيسي لتلك للحروب.
في نهاية كل عام يكون هناك مناسبة لمشاهدة الصراعات والحروب والمعاناة وإحصاء عدد القتلى والجرحى والمهجرين والرثاء لهم، وفي كثير من الأحيان تبدو أسباب الحروب والمعاناة غير مفهومة، وينتهي هذا العام بمجزرة مروعة في غزة، غير مسبوقة، ترتكبها “إسرائيل” بدعم كامل من الولايات المتحدة.
إن حجم القتل الجماعي المتعمد في غزة يجعل منه إبادة جماعية، وتصادف هذه الجرائم وقت عيد الميلاد والذي من المفترض أن يحتفل العالم بولادة يسوع المسيح – أمير السلام – في نفس المكان الذي ولد فيه قبل حوالي 2000 عام.
والأمر المؤسف بشكل خاص هو أن التدمير والقتل الشنيع والمذبحة التي ترتكبها “إسرائيل” بحق الأطفال والانتهاك المطلق للقانون الدولي على مرأى ومسمع من العالم، إنها جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، تتم بقسوة وإفلات مقزز من العقاب، ولم يكن من الممكن أن تحدث هذه الإبادة الجماعية دون الدعم الحاسم الذي تقدمه الولايات المتحدة، مالياً وعسكرياً وسياسياً.
شهد هذا الأسبوع قيام الولايات المتحدة مرة أخرى بعرقلة الدعوات في الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار والإمداد العاجل بالمساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني شخص، وأعلن برنامج الغذاء العالمي عن مجاعة كارثية في القطاع الساحلي بعد أكثر من 70 يوما من القصف والحصار الذي فرضته “إسرائيل”، وقد تم ذبح أكثر من 20 ألف شخص – معظمهم من النساء والأطفال – مع وجود ما يصل إلى 7000 آخرين في عداد المفقودين، ومن المحتمل أنهم لقوا حتفهم.
وتقوم القوات الإسرائيلية بتنفيذ عمليات إعدام جماعية لأشخاص مذعورين ومصابين بصدمات نفسية، وفقاً لمراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة.
فالولايات المتحدة تعمل على تسليح “إسرائيل” إلى أقصى حد وتمكينها، وقد رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضوح الانضمام إلى المطالب الدولية بوقف إطلاق النار. وصوتت الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لصالح وقف العنف.
لقد رفضت واشنطن مراراً وتكراراً مناشدات العالم لأن إدارة بايدن تعمل بشكل فاحش على تضخيم الأكاذيب والتشويهات الإسرائيلية.
وقد تم نقل عشرات الآلاف من أطنان الذخائر جواً إلى “إسرائيل” لتنفيذ “قصف عشوائي” (اعتراف بايدن نفسه). لقد تم إسقاط قنابل خارقة للتحصينات تزن طناً واحداً عمداً على مخيمات اللاجئين والمستشفيات، ولا يزال البنتاغون يرفض بلا خجل فرض أي خطوط حمراء على استخدام ذخائره، “إن هذه الإبادة الجماعية تضع أصابع إسرائيل على الزناد، لكنها في نهاية المطاف إبادة جماعية برعاية أمريكية”.
و بناءً على مبادئ نورمبرغ سيكون جو بايدن وبنيامين نتنياهو في قفص الاتهام، برفقة أنتوني بلينكن وجيك سوليفان ولويد أوستن ونظرائهم في تل أبيب.
منذ أن أصبحت الولايات المتحدة القوة العالمية المهيمنة في أعقاب الحرب العالمية الثانية وهزيمة الفاشية الأوروبية ــ على يد الاتحاد السوفييتي ــ ارتدت الولايات المتحدة عباءة الفاشية بشكل غير معلن وادعت الفضيلة والديمقراطية، فلم تقم أي دولة بشن العديد من الحروب والصراعات على مدى العقود الثمانية الماضية كما فعلت الولايات المتحدة، وقد وصل عدد القتلى حول العالم إلى عشرات الملايين بسبب الإمبريالية الأمريكية أو ما تسمى “الديمقراطية الأمريكية”.
لقد كان لحروب أميركا دائماً مبرراّ رسمياً أمام العالم، فمنذ العقود الأولى من الحرب الباردة، ادعت واشنطن أنها تدافع عن “العالم الحر” ضد ما تدعيه “العدوان الشيوعي” في كوريا وفيتنام وإفريقيا وأميركا اللاتينية، و بعد ذلك شهدنا موجة من حروب الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم ضد المخدرات، والإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، والدفاع عن حقوق الإنسان وهو الأمر الأكثر سخافة.
ومؤخراً كانت الحرب في أوكرانيا التي تهدف كما يدعي الأمريكي إلى الدفاع عن الديمقراطية والسيادة مع نظام نازي تم تثبيته من قبل وكالة المخابرات المركزية، وأخيراً فإن الإبادة الجماعية في غزة هي الذروة والفصل الأخير، من تاريخ الجرائم والاحتيال الأمريكي.
إنها ذروة جهنمية لقوة عالمية، يمكن القول إنها أول وآخر قوة إمبريالية مهيمنة في العالم. يمكن للبشرية جمعاء أن ترى الآن أن كل الخطابة والغرور الأمريكي ليس سوى كذبة قبيحة.
الإمبراطورية عارية تماما الٱن، والغرور الأمريكي لم يعد سوى كذبة قبيحة، والعالم أصبح يعرف كل جرائمها.
عادة ما تكون رؤية الحقيقة العارية هي الخطوة الأولى قبل أن نتمكن من المضي قدمًا في إدراك حقيقة الجمال واللياقة. وربما نأمل ــ من أجل السلام وإنهاء الكثير من المعاناة ــ أن يتخذ العالم هذه الخطوة الأولى.
المصدر – استراتيجك كالتشر

التالي