كما توقعنا سابقاً فإن السورية للاتصالات واجهت الفشل في تطبيق قرارها الذي حدّدت فيه يوم 2 كانون الثاني الجاري ليكون موعداً نهائياً لتوقف قبول تسديد الفواتير نقداً عبر كوى مراكزها الهاتفية المنتشرة في أنحاء البلاد، واقتصارهذا التسديد عبر أقنية الدفع الالكتروني حصراً، لتؤكد من جديد : أنها توهّمت بأنها قادرة على تنفيذ هكذا قرار وهي بمثل هذه السوية المتخلفة من الخدمات، ولاسيما خدمات الانترنت المُنقطِعة في كثير من الأوقات والمُتقطّعة في كثير من المناطق، وهي الخدمة التي تعتمد عليها عمليات الدفع الالكتروني ..؟!
لم نتوقّع فشل هذا القرار – عند صدوره – من شدّة ذكائنا، ولا بالاعتماد على التنجيم والأبراج الفلكية، وإنما من شدة الوضوح والاعتماد على الوقائع .. وعلى أداء أبراج الاتصالات شبه المشلولة في أماكن كثيرة، ولذلك عندما كتبنا ماكتبناه في الرابع من الشهر الماضي تحت عنوان 🙁 فاجعة الاتصالات ) لم نكن جائرين، وإنما كنا على حق أمام هذا الغياب المتعمّد للسورية للاتصالات عن قراءة الواقع، وها هي اليوم تقع في مستنقع تجاهلها للأمرالواقع، حيث سارعت في اليوم الموعود ( أي في 2 كانون الثاني ) للإعلان رسمياً أنه يمكن لمشتركي خدماتها ولفترة مؤقتة تسديد فواتيرهم ومستحقاتهم المالية عن شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين نقداً في عدد محدد من مراكز خدمة المشتركين للسورية للاتصالات ضمن المحافظات، وحدت بعض المراكز التي يمكن التسديد فيها نقداً.
هذا يعني أنه رغم الفشل في تنفيذ قرارها الخاطئ بإيقاف الدفع النقدي وزعم قبول ذلك الدفع الكترونياً حصراً، فإن السورية للاتصالات – مع الأسف – لاتزال مصرة على أن تقفز فوق الوقائع من خلال إيحائها للرأي العام بأن إفساح المجال للدفع النقدي ما هو إلاّ لفترة مؤقتة في تلك المراكز التي حددتها، ومن يدري فالسنة والسنتين والعشرة والعشرين سنة كلها بالنهاية فترة مؤقتة .. فهي هكذا تبدو – من دون تحديد الفترة المؤقتة – وكأنها أدمنت على الأخذ بظواهر الأمور من دون أن تعنيها الحقائق، ومن دون أن تتوقف عندها وتتعامل معها على نحوٍ جاد، فعلى السورية للاتصالات أن تعترف أولاً بسوء خدماتها وأن تسعى بكلّ ما أوتيت من قوة من أجل تحسين هذه الخدمات لتتحول من معاناة ومتاعب عند المستخدمين – كما هي اليوم – إلى عامل جذب حقيقي يشتهي الواحد منهم أن يتعاطى معها عندما تكون سريعة الاستجابة، وتتيح أمام المستخدم اختيار ما يناسبه، لا أن يكون مُلزماً بخدمة معينة وهي بمنتهى السوء.. وهناك بدائل ممكنة كحالة الدفع الالكتروني للفواتير رغم إمكانية الدفع نقداً، وهو الخيار الأفضل عند الكثير من المشتركين نتيجة عدم توفر البيئة التقنية المناسبة ولا البيئة البشرية المناسبة القادرة على التأقلم مع تعقيدات الدفع الالكتروني الذي تطرحه السورية للاتصالات مكللاً بالمزيد من الاستفزاز، وبالنهاية مهما بلغت تقنيات السورية للاتصالات من تحسين وتطور فإن مثل هذه الخدمات يجب أن تبقى اختيارية – نقداً أو إلكترونياً – ويجب أن تكون عوامل الجذب نحو الدفع الالكتروني منطلقة من روعة الخدمات وسهولة التعاطي معها .. وليس برفع الأسعار وإرهاق المشتركين ولا بإصدار القرارات الإدارية غير القابلة للتطبيق.
التالي