“الراتب لايكفي ليوم واحد”، حقيقة وواقع حال يعاني منه موظفو القطاع العام، تلك العبارة قالها رئيس اتحاد العمال خلال ندوة جمعت بين سطورها حديث الناس وتساؤلاتهم اليوم عن الرواتب وجدوى الوظيفة العامة.
ما جاء من طروحات تضمنتها ندوة اتحاد العمال بحضور الوزراء المعنيين وأطياف واسعة من شرائح المجتمع السوري، لامست وجع المواطنين ذوي الدخل المحدود وضعف.. بل تلاشي قدرتهم الشرائية أمام هول الأسعار في الأسواق والتضخم الذي أصاب البلد وبقي حجة أمام استمرار تراجع قيمة الراتب، وهذا ما جاء على لسان المشاركين بالندوة.
الندوة تحدثت عن فجوة كبيرة بين الرواتب والأسعار وفروقات كبيرة مع سعر الصرف، الذي بات أساساً في التسعير ضمن كل القطاعات والأسواق، سواء ما يتعلق بأسواق الغذاء أم العقارات أم النقل أم الخدمات والحاجات اليومية، وللأسف الواقع أكثر من ذلك بكثير وحالة تراجع الراتب تزداد يوماً بعد يوم.
اللافت أن كل الآراء تتفق على تراجع القدرة الشرائية وكذلك ضعف الدخل والراتب أمام تضخم الأسعار، لكن مايلفت أكثر تباطؤ الحلول دون الالتفات إلى ما تسبب به هذا الضعف في تراجع الإقبال على الوظيفة العامة، وارتفاع نسبة التقاعد المبكر والانزياح عن الوظيفة العامة نحو القطاع الخاص والسفر للخارج.
ناهيك عن الآثار السلبية الكبيرة في تراجع حضور الشباب ضمن الوظيفة العامة بالتزامن مع فقر كبير في الخبرات، وبالتالي تراجع الأداء والمنافسة واحتكار بعض القلة للوظيفة العامة وتحويلها في بعض الأحيان لمصالحهم الشخصية، وتلك ليست أسباباً سلبية بل تدهوراً لمختلف المؤسسات وخاصة المؤسسات الاقتصادية و الإنتاجية وانزياحها عن دورها الأساسي والميل نحو الترهل واللامبالاة أكثر من التماسك الذي يعتبر أساساً في نجاح قطاعات العمل والإنتاج.
اليوم المطلوب سرعة في إنجاز ماطرحته ندوة اتحاد العمال حول الرواتب والأجور واعتبارها خطوة أولى، وأخذ ما طرح خلالها على محمل الجد ليس لأن الرواتب لا توازي الأسعار فحسب، بل للحفاظ على أهم قطاعات العمل في سورية وهو القطاع العام العامل الأساسي لعملية الإنتاج ولقيمة الليرة والموظف.