تبحث هيئة الاستثمار السورية بالسراج والفتيل يومياً عن كل ما من شأنه التحفيز لعملية الاستثمار في سورية وتشجيع المستثمرين للمبادرة والإقدام على إقامة المشاريع المنتجة والمجدية، فلم تدع عقبة على طرقاتهم المُفترضة إلاّ وأزالتها، وهي ماضية معهم بلقاءات واجتماعات مستمرة لتصغي لكل ما يحتاجونه كي تُلبيه وتدفعهم أكثر فأكثر لخوض العملية الاستثمارية بشكل آمنٍ ومريح ورابح.
فالهيئة قامت – مثلاً – بالعديد من النشاطات والفعاليات وشاركت بأخرى على المستوى المحلي والعربي والدولي من أجل الترويج لبيئة الأعمال الواعدة والوصول الى المستثمر الحقيقي والجدي، فقد سعت للترويج الفاعل للعملية الاستثمارية عبر توضيح صورة البيئة الاستثمارية والتشريعية ضمن المزايا التي حملها القانون رقم 18 لعام 2021 وتعديلاته، فقامت برعاية الملتقى الاقتصادي الدولي الرابع (المال والأعمال) وشاركت في المؤتمر العلمي الدولي الثاني في كلية الهندسة الزراعية، وبالندوة الافتراضية الصينية بالتعاون مع السفارة الصينية، وفي بعض المعارض، كما شاركت أيضاً في المؤتمر الدولي السوري الروسي الأول للتوعية القانونية، وفي منتدى الأعمال العماني السوري في عمان، ورعت برنامج ” استديو الاقتصاد” على الإخبارية السورية، وأعدّت مواد ترويجية عن القانون رقم 18 وتعليماته التنفيذية والدليل الإجرائي وصنعت فيلماً ترويجياً عن البيئة الاستثمارية، كما وقعت مذكرة تفاهم مع المكتب الإقليمي للاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية، واتفاقية تعاون وتبادل خبرات بينها وبين شركة أكاديميا للتدريب والاستشارات، بالإضافة إلى توقيع /3/ مذكرات تفاهم بينها مذكرة بمجال الاستثمار وبرنامج تنفيذي بين سورية وسلطنة عمُان بختام أعمال اللجنة المشتركة، وغير ذلك الكثير من المبادرات والنشاطات الأخرى، حتى بدت هيئة الاستثمار السورية وكأنها تنحت بالصخر، فمع هذا كله لم تشهد الساحة الاستثمارية في سورية خلال عام 2023 الماضي سوى إصدار / 25 / إجازة استثمار على القانون 18، وهذا قليل جداً بالنسبة لبلد يتعطش للاستثمار والإنتاج، حتى صار يبدو الإنتاج هو الحلم الأكبر للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
لقد أخطأ الكثير من رجال الأعمال السوريين بانكفائهم عن الاستثمار في هذه المرحلة والتعامل ببرود مع البيئة الاستثمارية الخصبة التي وفرتها الدولة عبر هيئة الاستثمار وغيرها، وكان عليهم أن يندفعوا – في هذه الظروف العصيبة – أكثر من أي وقتٍ آخر لتكثيف الاستثمارات وتنوّعها كي يتعاظم الإنتاج وينهضوا باقتصاد البلاد ويخلقوا الكثير من فرص العمل، ويشكلوا بذلك قوة قادرة على تحسين المستوى المعيشي.
في الوضع الذي نحن عليه من الصعب لأي مستثمر عربي أن يخاطر ويأتي ليستثمر في سورية إن لم يرَ المستثمرين السوريين مندفعين بهذا الاتجاه، ومن الصعب أكثر لأي مستثمر أجنبي أن يعتبر نفسه مجازفاً ليستثمر في بلادنا إن لم يرَ المستثمرين العرب والسوريين مندفعين ومبادرين لإقامة المشاريع الاستثمارية، فهذه مؤشرات حاسمة لن يغفر التاريخ إهمالها وعدم الاكتراث بها، فالبلاد بلاد الجميع وعندما ينتعش اقتصادها فإن أكبر الرابحين هم رجالات الاقتصاد والأعمال الذين لا يزالون منكمشين ومأخوذين برؤوس أموالهم الجبانة.