الثورة – فاتن دعبول:
تشغلهم قضايا الوطن وتنبض أرواحهم على وقع أحداثه وهمومه، فينزف القلم تارة بالألم والحزن وتارة بالأمل بأن مهما طال أمد الظلم لابد سيأتي يوم ينتصر فيه الحق وترتفع رايات النصر.
وللتعبير عن مشاعرهم الصادقة، اجتمعوا على منبر فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، يعلنون انتماءهم وولاءهم لأبناء جلدتهم، فكانت الأمسية التي جمعت بين الشعر والنثر وكان اللقاء الذي قدم له الدكتور ابراهيم زعرور وأشاد بدور المثقف والأديب في نصرة قضايا الحق وقضايا المجتمع العادلة وتوثيق ما يدور في المجتمع من أحداث كانت شاهدة على عصر ذاك الطغيان والتحالف الصهيوني الغادر.
فقد شارك في الأمسية كل من الشاعر غدير اسماعيل وفارس دعدوش، اللذان قدما قصائد أشبه باللحمة الشعرية عن طوفان الأقصى وفلسطين والوطن والمقاومة، كما قدم القاص بشار بطرس نصاً له من أجمل وأمتع النصوص.
رؤية نقدية:
وتوقف الأديب والناقد عمر جمعة في دراسته النقدية عند أهم ما تميزت به المشاركات وبين أن قصيدة الشاعر غدير إسماعيل حفلت بالمتانة والفنيات العالية، وفي طالعها قدرة مذهلة على توظيف اللغة وتوليد اشتقاقاتها والبناء عليها، في صور شعرية تندفع لتؤلف هذا المعنى الجميل والعميق والبليغ في آن.
وأضاف: هذا إلى جانب التناصات التي استطاع غدير إسماعيل أن ينشئها بما يسمو بخطابه الشعري، بإيقاعاته ودلالاته، نحو قصيدة مختلفة تضاف إلى تجربته الشعرية التي تعد من التجارب السورية الجديدة والمبشرة بأن الحركة الشعرية وإن تأثرت بما أنتجته العقود الأخيرة من تحولات سياسية واجتماعية وفكرية عاصفة، فإنها راسخة وقادرة على اجتراح إنتاج مغاير، قد يصوب انحرافات القصيدة السورية وحمايتها مما اعتراها من عوالق أوقعتها في أزمة، نرجو دائماً أن تنجو منها نحو أفق واسع يذكرنا بما فعله الشعراء الرواد الأوائل.
قصيدة ملحمية:
ورأى جمعة أن قصيدة الشاعر فارس دعدوش قد نحت باتجاه الملحمية المترعة بالصور الشعرية العالية، التي لم تثقل البنيان الفني واللغوي لها، إذ استطاع دعدوش أن يحافظ على إيقاعاته حتى القفلة النهائية بما استخدمه من مفردات عبرت عن الموضوع العام الذي اختار فيه الشاعر أن يصف ما جرى من حادث العدوان على الطلاب الضباط في حمص، وما يجري اليوم في قطاع غزة الذي يواجه بدماء أبنائه أبشع جرائم الإبادة، ليقول إن الدم واحد والجرح واحد والهدف واحد، وبالتالي فإن المقاومة واحدة.
وأوضح أن ما يميز قصيدة دعدوش هو الاقتصاد والتكثيف اللغوي على طول القصيدة، التي كانت مدهشة في صورها وهي تستدعي وتستذكر مواجع المكانين” حمص وغزة” ودموع الأمهات البواكي على الشهداء الذين صاروا نجوماً تشع نوراً وتضيء عتمة السماء.
الاتكاء على التاريخ:
وبين جمعة أن قصة” شرف روما” التي قرأها القاص بشار البطرس من مجموعته” دم اللقلق” قد اختار الكاتب فيها الاتكاء على التاريخ بما يمتد من مفارقات وتناقضات ينشد الإنسان في صراعه معها البحث عن العدالة والحرية، تلك القيم العابرة للأزمان والتي تمكن البطرس من أن يوجهها الوجهة المطلوبة، في قصته التي لا تخلو من إشكالية السؤال الأزلي عن مشروعية وضرورة استدعاء شخصيات ووقائع من التاريخ القريب أو البعيد للبناء عليها، وواقعنا يضج بما هو أقسى من تلك الوقائع.
وأضاف: اللافت أن بشار البطرس الذي يذهب كثيراً باتجاه السخرية في خطابه وسرده القصصي، دائماً ما يحقق بنجاح ثنائية التلقي في الإقناع والإمتاع.
هذا وتضمنت الأمسية العديد من المداخلات ومنها ما قدمه الأديب أيمن الحسن الذي توقف عند هذه المشاركات بشيء من النقد الانطباعي، كما أشاد بالعمق الذي تميزت به المشاركات.
