أقامت دولة جنوب أفريقيا الرمز الأخلاقي للإنسانية والمعنوي الكبير والكبير جداً للعرفان بالجميل وفق ماتحدث به دبلوماسيوها، عن مواقف مميزة للفلسطينيين ومساندتهم في قضية تحرر جنوب إفريقيا ضد العنصرية.
وقرارها الحكومي بوفد المحامين والقادة المثقفين وحزب المؤتمر الحاكم وسبقه قطع العلاقات الدبلوماسية، وتوجيه الاتهام للكيان الصهيوني (إسرائيل) أمام محكمة العدل الدولية بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، بموجب حقها في ذلك كون حكومة الكيان وقعت بلا تحفظات كما جنوب إفريقيا عام 1948 عند إنشاء محكمة العدل الدولية ما يمنح النموذج الأبرز لمواجهة سياسات التمييز العنصري دولة جنوب أفريقيا الحق في جر الكيان للمواجهة في محكمة العدل الدولية.
الكيان الذي ضرب على مدى سبعين عاماً قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين بما فيها لجان تقصي الحقائق عرض الحائط.. معتبراً ذلك الكيان ذاته فوق القانون.
قد لا نعول على قرارات المحكمة الدولية برئاسة قاضية أمريكية دولتها تدعم الكيان بكل أشكال الدعم العسكري عدة، وعتاداً وعسكراً واقتصاداً جهاراً نهاراً، وبحضور وإعلان الرئيس الأمريكي من داخل الأرض المحتلة.
إلا أن ملف الدعوى الذي تقدمت به دولة جنوب إفريقيا التي تعرف تماماً ماذا تعني العنصرية الهمجية ومايعنيه التمييز العنصري، الملف الذي تضمن في صفحاته الأربع والثمانين حقائق ودلائل مادية وشهادات حية على لسان رجالات من الأمم المتحدة مسؤولي الأونروا وهيومان رايتس اليونيسيف ومؤسسة اللاجئين الفلسطينيين الذين تلفظوا أمام العالم أن مايحدث في غزة إبادة جماعية تنتهك حقوق الإنسان بمنع مقومات الحياة عن أهل غزة، وكذا فيديوهات موثقة لأغانٍ ينشدها جنود الصهاينة تبين سبق الإصرار على قتل الفلسطينيين.. ناهيك بتصريحات حكام بني صهيون المعلنة على الملأ.. وأدلة ووثائق أخرى كثيرة قدمها محامو الاتهام (جنوب إفريقيا) بمنتهى الرصانة والكلمة الهادئة والحرفية، مقابل دفوعات المتهم (الكيان الصهيوني) كلام سياسي بعيد عن الموضوعية اتسم بالرعونة وانتفاء الحرفية فلا صلابة قانونية ولا تماسك قانوني.
إن ما حدث في 7 أكتوبر فضح السردية الصهيونية عن المحرقة التي ابتز بها مواقف العالم مدى سنين طوال، والتي كان الكيان يبرر بها سلوكه باسم المظلوميةالتاريخية بأنها أكبر متضرر بالإبادة الجماعية، التي سلبت تفكير العالم لعقود.
لا نعول على نتائج المحكمة الدولية وإن كان في نصابها ممثِلَيْن للعرب، إلا أن مثول الكيان أمامها جعل من 11,12 يناير يومين تاريخيين لايمكن نسيانهما وهما من إنجاز السابع من أكتوبر.
تضررت سمعة الكيان النازية التي يدركها العرب، في أوروبا والغرب والتي فضحت كذبة الديموقراطية المزيفة التي كان يصفها بها الغرب.
قد لاينتهي قرار المحكمة إلى العدالة المنشودة لكنها القشة التي قصمت ظهر الكيان، اتهام الإبادة الجماعية أخذت الكيان بعد سبعين عاماً من ممارستها إلى محكمة سمع بها العالم أجمع من لايعرفها أو يعرفها جيل ملأ شوارع العالم يهتف لفلسطين، ويسقط الكيان من حسابات الدول برغم مواقف حكوماتهم الداعمة أو الخائنة..
فهل ستغيب العدالة عن تجريم المتهم.. ننتظر.. لكن الأهم ترفع القبعة لدولة جنوب إفريقيا دولةغير عربية أكثرها لا يدين بالإسلام، لكنها تأسست بعد استقلالها على عقيدة تحررية معادية للعدوان وعدم المساواة، دولة تستحق جل الاحترام
شكراً جنوب إفريقيا.. تجاوزت من كان عليهم فعل ما يحدث.