الثورة _ رنا بدري سلوم:
حتى الغيوم الماطرة جارت عليهم، أغرقت خيامهم التي يلوذون تحت سقفها القماشيّ، بحثاً عن حضنٍ وأمان ودفء، أمطار تسلّلت إلى أماكن تواجدهم، مليونا نسمة من الغزّاويين النازحين يعيشون تحت ظروف قاسية يتحمّلون الجوع والبرد القارس، لا وقود ولا ملابس شتوية سميكة تقي أطفالهم البرد.. مشاهد مؤثرة لأطفال صغار ورضّع يبكون البرد، يفترشون التراب المبلّل حفاة عراة يلتحفون أغطية ممزّقة تتسرّب منها الأمطار، مع محاولة عقيمة للهرب منها.
وحدها، مواعين الطعام لجمع المياه وتتبع النقاط التي تسقط من شقوق القماش قد تُجدي نفعاً في ظروف كهذه، مشاهد يصعب على مسلسل دراميّ أن ينقلها لقسوة الصورة وفظاعة الحدث وحتى الحوار الذي لا يُسمع من به صمم!، ما الذي ندفع ثمنه، من تحت القصف إلى غضب السماء؟!.
لم يفلح الظهور الإعلامي من تحريك ساكن التعاطف الإنساني، فها هو المتحدّث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمد بصل يناشد المجتمع الدولي والعالم أمام وسائل الإعلام العالمي أن “الأمطار الغزيرة تنذر بحدوث فيضانات كبيرة في العديد من المناطق المنخفضة المليئة بخيام النازحين في غزة”، فيضانات تهدد بغرق الخيام كلها والمراكز المكتظة بالغزاويّين في شمال وجنوب غزة من جهة، ومن جهة أخرى يهددهم شبح المرض الذي يتسببه البرد وخاصة الإنفلونزا وأمراض لا يمكن السيطرة عليها وسط هذا الحصار وارتفاع أسعار الأدوية وغياب المنظومة الصحيّة وإيقاف مرور المساعدات الإغاثية.
إضافة إلى الخوف من اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي بفعل العوامل الجويّة والأمطار الغزيرة، في بركتي الشيخ رضوان وأبو راشد شمال مدينة غزة، بعد أن وصل ارتفاع المياه داخل البركتين إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما يلزم ضرورة توفير الوقود اللازم لتشغيل مضخّات المياه في برك تجميع مياه الأمطار.
على الرغم من المنخفض الجوي القاسي لايزال الكيان المجرم يقصف الأماكن الآمنة بصواريخه المباشرة من دون أي رادع، أو رحمة.