الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
ما الذي يسكت أبجديّة الجّمال عن البوح، ويبكي الرّوح لتعتزل الكلام!؟ لتضيع جماليّات اللغة بين سراديب الحياة، تحكمها هلوسات الدنيا، الدفء والطعام والأمان والمسكن، تأخذنا عجلة الحياة إلى ما لا نرغب، نرهق للهث وراءها ولا نلحق، ويبقى الشعر في صومعته، في خلوة بعيدة كل البعد عن زمننا القياسي الذي نعيشه، هكذا تبادر إليّ حين تواصلت مع شعراء، شعراء لا يقوون حتى على فعل الكلام يبعدون عن بهرجة التصاريح الإعلاميّة، شلّتهم ضعف الإنارة، أزهقتهم متطلبات الحياة، وكسرت شوكة أمنياتهم، يعيشون فوضى الإحساس وتقصيرهم المادي مع أبنائهم، يتأمّلون بإعادة توازنهم على أرضٍ لم تعد تجذبهم، ضاقت عليهم بما رحبت، مهما ضاقت الدنيا بضوئها لابد من نور نتتبعه من داخلنا، حتى نصل إلى سماوات الجمال والإبداع، وسألتهم: ما الذي يجعلنا نبدع، نكتب، نرسم، ونغنّي ولكن سوى واقعنا الآني الذي لابد أن نعيشه بعين الرقيب؟! حين يعتكف الشعر في حنجرة الوقت سنرسم من ملح خيباتنا أمنيات حلوة وحلوة جداً، وكل سباتنا الشتوي الذي نعيشه اليوم نحن معشر الشّعر والأدب والثقافة هو استراحة محارب، سيحمل سلاحه ويعود إلى ساحة الوغى مضمّداً جراحاته النازفة مؤمناً بذاته برسالته الإنسانيّة لأن ما يميّزنا امتلاكنا لحاسة سابعة وعين ثالثة وسماء ثامنة .. لنخلق من اللاشيء شيء عنوة عن انكساراتنا..ونمضي.
العدد 1176 – 30 -1 -2024