رفاه الدروبي
خاضت المرأة الفلسطينية مختلف أشكال النضال، في ظلِّ «احتلال وحصار وتهجير»، فأرضعت أبناءها منذ الولادة معاني الصمود والمقاومة وحبِّ الوطن، كي يكونوا مستعدين للفداء والتضحية، ووقفت كتفاً إلى كتف إلى جانب أترابها استعداداً للنضال منذ اندلاع شرارة مقاومة المحتل. كما أثبتت قدراتها على التحمُّل والصمود، واتخذت أشكالاً متعددة فكانت نبراساً مضيئاً، يضيف صفحةً جديدةً في سجلِّ نضالها المُشرِّف، ويثبت للجميع أنَّ اصطفاءها لم يكن عبثاً بين نساء الأرض، فمكانها في مقدّمة الصفوف حين دفعت أبناءها وزوجها في سبيل إطلالة شمس الحرية، وأثبتت مسؤوليتها وقدرتها على مواجهة تعجزالكلمات والأشعارعن وصفها، لتُصبح مفردات اللغة وبلاغتها قاصرةً عن التعبيرالحقيقي عنها. بينما فاقت قدرة تحمُّلها كلِّ الظروف والآلام، واجهت هدم بيتها أثناء الغارات الجوية واتخاذ حجج عدّة لإزالته من دون تحذير مُسبق، وغالباً ما يتم ذلك ليلاً ولا تُعطى إلا مهلة لا تتجاوز بضع دقائق لإخلائه، فسجُّلت حالات إصابات لنساء خلال مغادرتهن منازلهن، واستشهاد أخريات نتيجة هدم البيوت فوق رؤوسهن بعد عجز المحتل عن مواجهة المقاومة ليصبَّ جام غضبه واعتداءاته عليهن، كما باتت المرأة الفلسطينية مضطرة لأن تعيل أسرتها بعد وفاة شريك حياتها، مما ضاعف معاناتها.
وتواجه النساء في غزة خطر التعرُّض لمشكلات صحية جمَّة نتيجة لانقطاع المياه وانعدام الأساسيات، خاصة عندما أُجبرن على مغادرة منازلهن والتوجُّه للاحتماء في مخيمات اللجوء مع ما تبقَّى من أفراد عائلاتهن، مما خلق صراعاً آخر وسط ظروف قاسية، وعدوان وحشي من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي.