أسماء الفريح:
منذ أكثر من سبعة عقود والكيان الغاصب مستمر بارتكاب أبشع المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين لكنها المرة الأولى التي يمثل فيها أمام محكمة العدل الدولية بناء على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضده لارتكابه جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة ما يمهد الطريق أمام محاسبته ومن يرعاه عاجلاً أو آجلا, كما يتمنى أحرار العالم.
ورغم صدور قرار عن المحكمة في السادس والعشرين من كانون الثاني الجاري يطالبه بتنفيذ عدد من التدابير المؤقتة لحماية أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع, غير أن هذا الكيان المتمرد على قواعد القانون الدولي والمتعامي عنها يواصل إلى الآن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
هذا ليس مستغرباً من جانب من نشأ على الوحشية والعقلية الفاشية واحتلال أراضي الدول وقتل أهلها ونهب خيراتها, لكن وفقا لمحليين فإن حماة “إسرائيل” سيجبرونها على وقف عدوانها لأن استمرار دعمهم لها سيعني بالتأكيد مشاركتهم في جرائم الإبادة التي ترتكبها ومحاسبتهم عليها لاحقاً.
لكن السؤال ما الذي يدفع هؤلاء الداعمين للتدخل الآن؟ جنوب أفريقيا شددت في الدعوى التي تقدمت بها على أن ممارسات “إسرائيل” لا يمكن اعتبارها إلا إبادة جماعية وعليه فإن ما يروج له الكيان على أنها “دفاع مشروع ” عقب عملية “طوفان الأقصى” مردود عليه لأن ما يقوم به في قطاع غزة وبحق سكانه يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية ولاشيء غير ذلك.
هذا الالتزام والمسؤولية من جانب جنوب أفريقيا بمنع مواصلة “جرائم الإبادة الجماعية ” في غزة وخاصة أنها قدمت طلبها للعدل الدولية بناء على اللائحة الواردة في المادة 9 من اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” لعام 1948، مع العلم أن جنوب أفريقيا و”إسرائيل” طرفان فيها, ووفقا لأحكام الاتفاقية يقع على عاتق الأطراف فيها الالتزام بمنع الإبادة الجماعية, وهذا يقود إلى النقطة الأهم, بحسب محللين, وهي أن الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي أو تلك التي لا تتخذ أي إجراءات ضده ستتحمل بدورها مسؤولية الإبادة الجماعية.
ويتابع المحللون أن موقف كيان الاحتلال المناهض لقرار العدل الدولية, التي تشكل الجهاز القضائي للأمم المتحدة, قد يدفع مجلس الأمن الدولي إلى التدخل أيضاً ولا أدل على ذلك من أن المجلس سيعقد اجتماعاً طارئاً الأربعاء المقبل, بناء على طلب الجزائر, بهدف إعطاء قوة إلزامية لحكم العدل الدولية فيما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي.
فهل سنشهد قراراً دولياً يلزم كيان الاحتلال بوقف إبادته الجماعية ولاسيما أن هناك أدلة موثقة قدمتها جنوب أفريقيا بهذا الخصوص لجهة قتل “إسرائيل” أكثر من 26 ألف فلسطيني حتى الآن وإصابة أكثر من 65 ألفا إضافة إلى وجود آلاف المفقودين تحت الأنقاض ونزوح نحو مليونين آخرين وانعدام الاحتياجات الإنسانية الأساسية ودمار هائل في المنازل والمساكن والبنى التحتية.
تسببت “إسرائيل”, القوة القائمة بالاحتلال, بكل ذلك منذ بداية عدوانها على قطاع غزة في تشرين الأول الماضي وما تزال آلة القتل والدمار مستمرة، أي أنها ترتكب إبادة جماعية في انتهاك واضح لاتفاقية منع الإبادة الجماعية كما أن مسؤوليها حرضوا على هذه الإبادة.. أي دلائل أوضح من هذه ليقول العالم كلمته بكل جرأة ومسؤولية هذه المرة؟!
اقرأ في الملف السياسي: بعد فضيحته بالاختبار الإنساني.. الغرب يتعرى قانونياً