حراس اللغة : المسؤولية جماعية ومشتركة

الملحق الثقافي- نبوغ محمد أسعد:
خلود الخضر تحمل إجازة في اللغة العربية وتعمل مدرسة في مدارس متنوعة بدمشق ومدققة إعلامية وتهتم بثقافة جيل الشباب وتحولاتهم الثقافية في مجال اللغة العربية والأدب.
ـ ما تعريف اللغة العربية وما علاقتها بالحالة الاجتماعية السليمة ؟
تعريف اللغة ـ لغة هي أصوات تؤلف كلمات تنظم في جمل لتؤدي معاني مختلفة مفيدة.
ج – اصطلاحاً .. هي هوية الإنسان وثقافته وقوميته وجسر التواصل بين الأمم والشعوب بين مختلف الأجيال، وهي الرابطة المتينة التي تنقل الأفكار وتسجلها فتحافظ على جود الإنسان، إضافة إلى أنها روح الأمة وعروبتها، وهي على ارتباط وثيق بالحالة الاجتماعية والثقافية للفرد فنحن لا نستطيع فهم القرآن والتراث الأصيل والواقع الحقيقي إلا باللغة العربية.
– يشكل جيل الشباب الشريحة الأكثر حضوراً في المجتمع هل هناك علاقة وثيقة بينهم وبين لغتهم الأم ؟
ج – لذلك يجب أن ينشأ جيل الشباب على حب اللغة وإتقانها وفهمها جيداً لأنها الأداة الأكثر تعبيراً عن إمكاناتهم ورسمهم لخطوط مستقبل مشرق للأوطان، فالعلاقة قوية متينة بين الشباب واللغة الأم.
لا تزدهر الأوطان وتنمو إلا بقوة شبابها وعطائهم وقدراتهم العقلية والفكرية لما لهم من دور عظيم في بناء المجتمع ..فهم عماد الوطن وهم القادرون على تغيير الواقع إلى الأفضل، فلابد من تنمية مواهبها وتقدير ما يبدو منهم مباشرة من خلال المؤسسات ولاسيما في مجال الثقافة والأدب واللغة حتى لا تتلقفهم مثرات أخرى.
ـ ما الصعوبات التي يواجهها مدرس اللغة العربية الآن ؟
ج – للأسف انتشرت الأمية بشكل كبير بسبب وضع الحرب الراهنة ومخلفاتها السلبية على جميع الصعد وخاصة ثقافياً وعلمياً ..والرحيل من مكان لآخر، وعدم وجود وسائل تعليمية كافية، وانقطاع الطلاب عن الدراسة لفترات طويلة ثم العودة هذا كله ما أدى إلى تدهور الوضع التعليمي وتراجع اللغة.
من أهم الصعوبات التي يواجهها المدرس قلة اهتمام هذا الجيل باللغة، وعدم التقدير لأهميتها العظمى، وذلك بسبب انصرافهم إلى الاهتمام باللغات الأخرى، وهم لا يعلمون أن اللغة العربية من اللغات السامية القادرة على احتواء مختلف ألفاظ العلوم، وذلك لقوة جهازها الصوتي ومرونة بنيتها الصرفية والنحوية، وقد احتلت مكانة عالمية قديماً وحديثاً، وفرضت نفسها على جميع الشعوب بسبب ارتباطها بالدين الإسلامي ونزول القرآن الكريم، وهي أكثر لغات العالم انتشاراً، إضافة إلى ابتعاد شبابنا عن حب القراءة وعدم مصادقة الكتاب وانصرافهم في معظم أوقاتهم إلى إضاعة الوقت بوسائل أخرى كالشابكة (الإنترنت والتلفاز والعنصر الأخطر وجوداً (الموبايل) لذلك لم يعد لديهم اهتمام بلغتهم مما أدى إلى الضعف بشكل عام.
– ما واجب المعلم اتجاه تراجع اللغة العربية بين الأجيال الشابة ؟
ج – ولأنه كاد المعلم أن يكون رسولاً ..ما كاد بل صار النبي معلماً يبني وينشأ أنفساً وعقولاً يجب على مدرس اللغة العربية ولأنها الرسالة الأسمى التعاون مع جيل الشباب ودعمهم نفسياً ومعنوياً وتبسيط الأمور لهم قد الإمكان، ثم غرس حب اللغة في نفوسهم والتشجيع على دراستها،وبيان أهميتها لهم كعنصر فعال ومهم في بناء مستقبلهم وبناء المجتمع السليم القادر على التعبير عن وجوده بكل طلاقة وفصاحة، لرفع راية الوطن والدفاع عن عزته وكرامته ومساندته في محنته وشدته، وذلك لأن اللغة هي هوية الإنسان وكرامته.
ـ ما الوسيلة الأهم التي يجب أن يتعاون فيها مدرس اللغة العربية والأسرة والمؤسسات الثقافية لضمان تمسك جيل الشباب باللغة العربية ؟
ج – يجب التعاون بين المدرس والأسرة خاصة لأنها النواة الأساسية في تكون شخصية الفرد …لتقوية حب اللغة كرابطة مقدسة بين أفراد الأسرة الواحدة،وتحفيزهم على حب القراءة لفهم تاريخ اللغة. ومن ثم التعاون مع المؤسسات الثقافية والجهات التعليمية على مكافحة الأمية في الدرجة الأولى ثم إعطاء دروس مجانية في اللغة العربية واستخدامها في العلوم والحياة والتحدث بها دائما والاهتمام بدراستها في ندوات ثقافية أدبية في مختلف المراكز والمؤسسات.فلن ينجح جيل ولن تبنى حضارة وهم يجهلون قيمة لغتهم.
ماهر فرج: لغتنا تكرس الانتماء
مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج في حوار خاص للملحق الثقافي في جريدة الثورة عن اللغة العربية وأهميتها في لجيل المستقبل.
– ما دور اللغة العربية في حماية الهوية الوطنية؟
إن اللغة العربية هي الفكر وهي الهوية، هي الماضي والحاضر والمستقبل، لذلك لها تأثير كبير في ترسيخ المواطنة وتكريس الانتماء، فالاعتزاز باللغة العربية هو اعتزاز بالوطن وتراثه الحضاري، وهي عنصر أساسي من مقومات الوطن والشخصية العربية.
ـ ما سبب تراجع اللغة العربية وتراجع جيل الشباب عنها؟
هناك أسباب خارجية وأسباب داخلية.
الأسباب الخارجية : متعلقة بالاستثمار الأجنبي لكثير من الدول العربية ومحاولة طمس اللغة العربية وتعليم لغات الدول المستعمرة ومحاربته لكل ما هو عربي بهدف القضاء على الهوية والانتماء.
أما الأسباب الداخلية : فهي متعددة منها:
– قلة اهتمام المجتمع بها مقابل اللغات الاجنبية.
– عزوف فئة الشباب عنها ونفورهم منها بسبب اشتراط أصحاب الأعمال إجادة اللغات الأجنبية.
– اعتقاد الشباب بصعوبة تعلمها وإتقانها.
– قلة اهتمام الأسرة بتعليم أبنائهم لغة الضاد.
– دور الإعلام في نشر اللغة العربية الفصيحة والاعتماد في أغلب البرامج على اللغة المحلية.
– انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واعتمادها على اللغة المحلية.

ما السبل الثقافية والتربوية لعودة الشباب إليها؟
– العمل بمضمون القوانين والقرارات التي تؤكد على المراسلات والمحافظة على اللغة العربية.
– الاستفادة من وسائل الإعلام واستخدامها في نشر اللغة الفصحى بين الناس.
– توظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة والمتطورة في نشرها وتعليمها.
– تعزيز دور المدرسة في المراحل الأولى في تعليم اللغة الفصيحة.
– تعزيز دور الأسرة في تشجيع أبنائها في تعليم اللغة الفصيحة.
– تنظيم مسابقات لغوية للمتعلمين سواء في الأدب أم الشعر.
– تعزيز دور أدب الأطفال لتمكينهم من استخدام اللغة الفصيحة.
– التأكيد على دور الشخصيات العامة في المجتمع وانعكاس استخدام اللغة الفصيحة على المتلقين.
– تنمية ذائقة المتعلمين للاستماع بما يسمعونه أو يقرأونه ليصبح سلوكاً لديهم في استخدام اللغة العربية السليمة.
لماذا يتعامل الشباب باللهجة المحلية وأين دور المؤسسات؟
هناك مشكلة بين اللغة والشباب تعود إلى الأسلوب الذي خلق هذه المشكلة، وهذا الحاجز بين اللغة الفصيحة والشباب، ويعود ذلك إلى جمود وصعوبة كتب اللغة العربية والمفردات والمستخدمة في بعضها ما يؤثر على فهم اللغة كما أثرت وسائل التواصل الاجتماعي ووسعت الفجوة بين الشباب واللغة الفصيحة.
والمسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع، وعلى كل معلم أن يبذل قصارى جهده لجذب أبنائنا للتحدث باللغة العربية الفصيحة وإجادتها والتعامل معها على وسائل الإعلام والاهتمام بها في برامجها كذلك على مجمع اللغة العربية دور مهم في ترجمة المصطلحات الأجنبية وتعريبها كي لا يحفظها الشباب بلغتها الأجنبية.
هل ترى أملاً بعودة مهمة للفصحى وما السبل؟
نعم يمكن اللغة العربية الفصيحة أن تعود بقوة، ويجب أن يكون الاهتمام بها من كل النواحي، ويجب أن تتصدر أولويات عمل المؤسسات على جميع الصعد لأن النهوض بها هي مسألة ثقافية وتعليمية، وهي بالأساس مسألة هوية بناء على غنى اللغة العربية بالمفردات والتعابير الراقية ومن هذه السبل:
– إدخال اللغة العربية في تكنولوجيا العصر.
– الحفاظ عليها في المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية والمؤسسات العامة.
– دور الأسرة في تعويد أبنائها على استعمال اللغة الفصيحة.
– تيسير كتب النحو وجعلها أكثر سهولة على الفهم.
– تبسيط المصطلحات لتكون سهلة ومقبولة وتعبر عن المتحدثين.
ماذا تقول لجيل الشباب بخصوص حماية هويته؟
أقول إن اللغة العربية هي وعاء ثقافتنا وعنوان هويتنا، والمحافظة عليها هو محافظة على الذات لأنها ترتبط بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا، ولا بد من العمل بجهد واصطبار لاستمراريتها.                            

العدد 1177 – 6 -2 -2024       

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار