راغب العطيه:
يثبت أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل كل يوم أنهم على قدر المسؤولية الوطنية التي يفرضها عليهم وجود المحتل الصهيوني الذي يحاول أن يكرس هيمنته وسلطته واحتلاله في أرضهم وممتلكاتهم وعلى حياتهم اليومية، مستخدماً كل وسائل الترغيب والترهيب والقوة والبطش، إلا أنه في كل مرة يفشل وتذهب محاولاته سدى دون أن يحقق أي من أهدافه الاستعمارية بفضل الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تلين لأهلنا هناك.
في 14 شباط من عام 1982 سطر أهالي الجولان المحتل ملحمة نضالية جديدة عندما نفذوا إضرابهم الوطني الكبير الذي دام ستة أشهر، رفضاً لقرار الاحتلال الإسرائيلي الباطل بضم الجولان، وقد سجلوا أروع صفحات العز والكرامة وقدموا مئات الأسرى وعشرات الشهداء فداء لترابه وتأكيداً على الانتماء للوطن سورية، مؤكدين بشيبهم وشبابهم ورجالهم ونسائهم أنه لا للاحتلال الصهيوني، ولا لمخططاته الاستيطانية والتوسعية، وأنه لاحياة للقرار الباطل الذي اتخذته سلطات الاحتلال في 14 من كانون الأول عام 1981 في سياق محاولاتها لتهويد الجولان العربي السوري المحتل وفرض الهوية الإسرائيلية على أبنائه الغيارى الذين أثبتوا للعدو والصديق أنه لا بديل عن الهوية الوطنية السورية، وأعلنوا حينها مقولتهم المشهورة “المنية ولاالهوية”.
وإضافة إلى الموقف السوري القوي والثابت الذي أرغم مجلس الأمن الدولي على إصدار قراره رقم «٤٩٧» تاريخ ١٧ / ١٢ / ١٩٨١ والذي عدّ قرار “إسرائيل” بضم الجولان السوري المحتل ملغىً، وليس له أي أثر قانوني دولياً، وطالب سلطات الاحتلال بإلغائه فوراً، أعلنت معظم دول العالم رفضها لقرار الضم جملة وتفصيلاً، مستندة في ذلك على قرار مجلس الأمن الدولي آنف الذكر.
وهكذا كلما أعلن الكيان الصهيوني عن مشروع استعماري استيطاني في أراضي الجولان الحبيب، يقف أهلنا في الجولان المحتل يدا واحدة في مواجهة هذا الاحتلال الغاشم الذي يستهدف البشر والشجر والحجر في كل الأراضي العربية المحتلة، في محاولة يائسة وبائسة منه لتغيير حقائق التاريخ والجغرافية، والتي تثبت كل يوم بأن الجولان المحتل وفلسطين وكل الأراضي التي احتلتها العصابات الصهيونية الإرهابية هي أرض عربية أصيلة ولا يمكن للاحتلال مهما حاول أن يطمس هذه الحقائق، وسيجد نفسه كياناً طارئاً على الأرض وعلى تاريخها، وهذه الحقيقة يعيشها الاحتلال الإسرائيلي المأزوم والمهزوم هذه الأيام، كنتيجة مباشرة لطوفان الأقصى الذي أثبت للقاصي والداني أن الاحتلال لا يمكنه الاستمرار على هذه الأرض، وأن زواله أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأن كلمة المقاومة هي الفصل في آخر المطاف وستتحرر الأرض العربية رغم أنوف الاحتلال وداعميه في واشنطن وفي أوروبا التابعة للأميركيين.