الثورة – لقاء ريم صالح:
هم أبناء سورية الأبرار الذين لم يتمكن المحتل الإسرائيلي الغاصب رغم تغوله وإرهابه من أن يخيفهم أو يجعلهم يتراجعون عن ثوابتهم الوطنية يؤكدون بمواقفهم المشرفة أنهم كانوا ولازالوا مع وطنهم الأم سورية، إنهم أبناء الجولان السوري المحتل الذين كانوا ومازالوا وفق الدكتور سمير أبو صالح المحلل السياسي والمختص في الشؤون العربية والدولية قوى رديفة لجيشنا الباسل في معاركه التي خاضها ضد الإرهابيين التكفيريين.
وفي تصريح خاص لـ ” الثورة” قال أبو صالح إن أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل يحيون في هذه الأيام ذكرى انتفاضة الجولان لعام ١٩٨١ – ١٩٨٢.
وأضاف: هذه الذكرى حقيقة هي موقف وطني حقيقي لأهل الجولان السوري المحتل أولا بانتمائهم إلى الوطن الأم سورية.. ثانياً بصمودهم في الجولان العربي السوري المحتل الذي احتل عام١٩٦٧ إثر عدوان حزيران.. وثالثاً هم يؤكدون بذلك حقهم ورغبتهم بالعودة محررين معززين مكرمين إلى حضن الوطن.
وأشار إلى أن هذه المناسبة هي إحدى الوقفات النضالية لأهلنا في الجولان منذ بدء الاحتلال والتي استمرت إلى يومنا هذا مروراً في معارك حقيقية ضد العدو الصهيوني، حيث حاول فرض الهوية الإسرائيلية عليهم وتجريدهم من الهوية العربية السورية، وحاول تشكيل المجالس المحلية العميلة لسلطات الاحتلال، وحاول تغيير المناهج الدراسية واستبدالها من برامج دراسية تتبع وزارة التربية والتعليم السورية إلى مناهج إسرائيلية يقرها ويفرضها هو على الحركة الثقافية والتعليمية في الجولان المحتل، ولذلك كان هذا الصراع ومازال صراعاً عنيفاً بكل معنى الكلمة حيث اعتقل عدد كبير من أبناء الجولان.
ولفت إلى أن هذه الذكرى لعلها مناسبة كي نذكر رقماً عالمياً سجله أهلنا في الجولان بالنسبة لعدد المعتقلين من صفهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وتلك النسبة التي وصلت ١ إلى٣ أي ثلاثة مواطنين عرب سوريين اعتقل العدو واحد من هؤلاء، وهذه النسبة طبعاً لم تأت عبثا بل أتت نتيجة للمواقف المتراكمة التي وقفها أهلنا في الجولان ضد هذا العدو المتغطرس.
وقال د.صالح: بالنسبة لقرار الضم من المعروف تماماً أن سلطات العدو حاولت ومنذ بداية احتلالها أن تضم الجولان وفق قانون إسرائيلي معين، فأقدمت حكومة مناحيم بيغن آنذاك وهي حكومة اليمين المتطرف على محاولة لسن قانون إسرائيلي يقضي بضم الجولان السوري المحتل إلى السلطة الإسرائيلية وهو ما رفضه الأهل في الجولان، وكان ذلك في الرابع عشر من كانون أول عام ١٩٨١ حيث فرض العدو قانونه المسمى بقانون الضم والذي رفض من قبل المواطنين السوريين الذين أعلنوا في تلك الفترة إضراباً حقيقياً وعاماً، وقاطعوا كل التواجد الإسرائيلي، واستمرت الأمور إلى الرابع عشر من شباط عام ١٩٨٢ حيث أعلن رسميا من قبل المواطنين العرب السوريين عن بدء إضراب عام وشامل إلى أن يتراجع العدو الإسرائيلي عن قراره هذا.
وأوضح أبو صالح: وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أهلنا في الجولان المحتل رفعوا صوتهم عالياً بالتنسيق مع وطنهم الأم وأوصلوا شكواهم لهذا القرار إلى الأمم المتحدة إلى الجمعية العامة وإلى مجلس الأمن الدولي الذي انعقد بناء على طلب من الجمهورية العربية السورية وأصدر قراره الشهير رقم٤٩٧ الذي أكد أن المحاولة الإسرائيلية لضم الجولان السوري المحتل يعتبر لاغياً وليس له أي اثر قانوني.
ونوه إلى أن الإسرائيلي حاول أن يفرض إجراءاته بالقوة وجرت صدامات عنيفة في ذلك اليوم عندما أعلن أهلنا في الجولان المحتل الوثيقة الوطنية التي وضعوا فيها محددات لا يمكن التنازل عنها الا بتراجع العدو، واستمر هذا الإضراب ستة أشهر ومدد شهرين إضافيين، حيث حوصرت القرى العربية السورية في شمال الجولان المحتل، ومنع الأهالي من إدارة أعمالهم وأمورهم الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك فرضت سلطات الاحتلال منعاً للتجول استمر طيلة هذه الفترة، ما يعني أن المدارس أغلقت والمصانع أغلقت أيضاً، وكل الحرف اليدوية وغير اليدوية كانت في حالة سبات نتيجة لهذا الإضراب الذي اعتبر أيضاً حصاراً إسرائيلياً على أهلنا في الجولان السوري المحتل.
وقال أنه في السياسة يمكن القول إن الاستمرار في الإضراب والموقف الصامد لأهلنا في الجولان دفع بالعدو الإسرائيلي وأيضاً بسبب الضغوطات الدولية التي كان للجمهورية العربية السورية ووزارة الخارجية السورية دورا مهما جدا فيها، أن تراجع العدو الإسرائيلي عن بعض مطالبه وابقي مطالب أخرى، وهكذا فك الإضراب وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، ولكن مع محددات جديدة فرضها الأهل على السلطات الإسرائيلية، حيث بقوا متمسكين بهويتهم العربية السورية، وبقيت الجنسية على الدوام الجنسية العربية السورية.
وأوضح أنه في هذا الإطار يجدد أهلنا في الجولان السوري المحتل سنوياً هذه الذكرى على أنها الذكرى الهامة والوطنية والتي عبروا من خلالها عن سخطهم ورفضهم للاحتلال بكافة صوره وكان هناك تضامن عربي ودولي ملفت في هذا الإطار.
وأضاف د. أبو صالح: هنا لابد من التذكير بما سبق وقاله المرحوم بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس في تلك الفترة بأننا تعلمنا الانتفاضات الفلسطينية من العرب السوريين في الجولان المحتل، وأسمى تلك الانتفاضات هي انتفاضة الحجر، حيث أن أهلنا في الجولان لايملكون سلاحاً أو مقومات الرفض سوى الإرادة الصلبة التي ترجمها هؤلاء الأهل بشكل واضح وجلي وأكدوا من خلالها بأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي السوري، ولكنهم وقعوا تحت ظروف الاحتلال، هذا التأكيد من قبلهم حقيقة يعني أن الأرض التي يعيشون فيها هي أرض سورية، وأن الهوية التي لا يمكن أن تنتزع منهم هي الهوية السورية، وأن آمالهم وأمنياتهم بأن يعود الجولان ويعودا إلى حضن وطنهم الأم أي إلى الجمهورية العربية السورية.
وأشار إلى أن حملات التضامن الدولية والإقليمية والعربية كانت ومازالت كبيرة وساندت أهلنا في الجولان المحتل، ولو كان بشكل معنوي كما اتخذت الجمهورية العربية السورية مجموعة من القرارات التي كان من شأنها دعم صمود أهلنا الجولانين ليستمروا على موقفهم البطولي حيث أنهم أكدوا على ولائهم لوطنهم، وباقون إلى يوم التحرير الذي ينتظرونه لحظة بلحظة.
وأضاف: كان لهم دور مهم أيضاً بالرغم من وجودهم تحت سلطة الاحتلال بأنهم شاركوا شعبهم وجيشهم العربي السوري الأبي في مكافحة الموجة الإرهابية التي ضربت البلاد حيث حاول العدو الاسرائيلي تمرير عصابات إرهابية وصلت إلى فلسطين المحتلة وقدمت إلى الجولان المحتل بهدف الانضمام إلى العصابات الإرهابية التي عملت في المحافظات الجنوبية السورية، حيث وقف أهلنا الجولانيون وقفة مشرفة في هذا الإطار ورفضوا أن تستعمل أراضيهم وطرقاتهم كممرات لهؤلاء الإرهابيين، بل اشتبكوا لأكثر من مرة مع القوات الصهيونية التي كانت تحمي أولئك الإرهابيين وتدخلهم عبر الحدود.
وختم د. أبو صالح كلامه بالقول: أهلنا بالجولان متمسكين بثوابتهم الوطنية التي قالوا أنهم لن يعودوا عنها حتى يوم التحرير الذي ينتظرونه يوماً بيوم، وهم يخاطبون جيشهم العربي السوري وشعبهم السوري وقيادتهم الحكيمة يومياً من خلال وسائل الاتصال المختلفة بأنهم يصرون على الاستمرار ويعتبرون أنفسهم رديفاً حقيقياً لقوات الجيش العربي السوري والشعب العربي السوري الأبي في وقفتهم النضالية المساندة للأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين في إطار محور المقاومة، ويرون بأنفسهم كجنود في طليعة ميادين القتال المتقدمة في الجولان السوري المحتل ضد التواجد الإسرائيلي، ويأملون كما يرددون دائما بأنهم عرب سوريون لا يمكن أن يتنازلوا عن انتمائهم لوطنهم، ولا يمكن أن يتأخروا في القيام بواجباتهم في إطار الحركة النضالية سواء كان ذلك في حلف المقاومة ووحدة الساحات، أم إنهم فصيل سوري متقدم في الجولان السوري المحتل ضد التواجد الإسرائيلي.