الثورة – علاء الدين محمد:
المخدرات مرض فتاك لا يقتصر ضرره على المريض (المدمن) فقط، بل يتفاقم إلى كامل أفراد أسرته فينهكها مادياً ومعنوياً.. لا بل ويلحق الضرر بالمجتمع والدولة معاً، والسبيل الأنجع للابتعاد عن هذه الآفة هو الوعي الفردي والمجتمعي بمخاطرها وما قد تسببه من انهيار في القيم والتفكك الأسري والفساد المجتمعي.
في ثقافي المزة بدمشق أقيم نشاط توعوي تحت عنوان “المخدرات ومخاطرها على الفرد والمجتمع” بمشاركة كل من الخبير القضائي بشار عبد القادر والدكتور محمد التونسي.
بدأ النشاط الخبير القضائي عبد القادر وأشار إلى أن المخدرات هي عبارة عن نباتات طبيعية أو مواد كيميائية لها تأثير نفسي فعال، تحدث بسبب طبيعتها تغييراً في وظائف الأعضاء الحية، وتبدو هذه التغييرات جلية في الحواس والمزاج وفي الحالات النفسية والسلوك بشكل عام.
ويتم تناولها عن طريق التدخين أو الاستنشاق أو الحقن أو التذوق، وتؤدي إلى إنهاك الجسم وفقدان الوعي والإدراك وضعف الإرادة وعدم الإحساس بالمسؤولية، وإلى الكسل والخمول والنسيان والخوف، والأهم أنها تؤدي إلى تدني القيم الأخلاقية، فمتعاطي المخدرات يهرب من الواقع إلى عالم الخيال يكون في كل شيء عنده مباح ومتاح.
وعن سمات المدمن أوضح عبد القادر أن السمات الأبرز للمدمن هو التغيير المفاجئ في نمط الحياة والغياب المتكرر والانقطاع عن العمل والدراسة، ثم تدني مستوى العمل أو الدراسة حسب الحال، والخروج من المنزل لفترات طويلة.
بالتالي هنا يجب مراقبة الأولاد، فالمدمن يتعامل بخصوصية كبيرة وشرسة مع أشيائه الخاصة، حتى مع أقرب الأشخاص إليه باللامبالاة وعدم المسؤولية والانفعال لأتفه الأسباب، وحاجته الدائمة للمال والصرف الكبير، ويعمد بشكل مفاجئ على تغيير أصدقاء الطفولة أو المعتاد عليهم وتحوله إلى أصدقاء جدد، بالإضافة إلى الانعزال و فقدان الشهية والوزن.
بدوره تحدث الدكتور محمد التونسي عن أضرار المخدرات على الفرد والمجتمع والدولة، مبيناً أن 5,3 من سكان العالم مصنفين من فئة المدمنين، فمثلاً يوجد 22 مليون مواطن أوروبي جربوا المخدرات.. وبالتالي هي آفة تعصف بالكرة الأرضية بكل معنى الكلمة.
وذكر أن للمخدرات ثلاثة أنواع: طبيعية، أي مزروعة مثل الحشيش والبانجو وغيرها، والمخدرات نصف المصنعة والمواد المخدرة المصنعة بالمخابر مثل الكبتاجون، ولها ثلاثة أنواع من حيث تأثيرها.
المخدرات المثبطة تثبط الجسم وتهدئه، وتجعل الإنسان في حالة نسيان وخمول شديد، والمخدرات المنشطة، والمخدرات الأخطر وهي المخدرات المهلوسة.
وعن أضرار المخدرات على جسم الفرد بين الدكتور التونسي أنها تؤثر عليه من الناحية الجسدية والنفسية والعصبية، وتؤدي النفسية على سبيل المثال إلى الانعزال والشعور بالكآبة والعزلة عن المجتمع والتفكير بالانتحار وغيرها، ومن الناحية الجسدية الشعور بالإقياء والغثيان وخربطة في هرمونات الجسم.
أما الناحية العصبية فلها تأثير كبير واعتلالات عصبية متنوعة، بالتالي هذه التأثيرات تنعكس على الأسرة لأنها اللبنة الأساسية في المجتمع، والفرد ينشأ في أسرة فتتجلى بالإهمال وسوء المعاملة، أي الشخص المتعاطي سيهمل في واجباته تجاه أسرته، وبالتالي خلل في مسؤولياته، بالإضافة إلى العنف الأسري التأثيرات المادية لأنه يحتاج إلى أموال كثيرة لشراء تلك المواد، وهذا ينتج عنه زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري.
وأما تأثير المخدرات على المجتمع فأوضح د. التونسي أن التأثير الأكبر هو عامل الفساد، طالما المخدرات تحتاج إلى أموال فسيتم تحصيل تلك الأموال بالطرق غير المشروعة، فمثلاً إذا كان موظفاً حكومياً سيلجأ للفساد والغش، بالإضافة إلى موضوع انتشار الجرائم لتأمين المال اللازم والعنف والسرقة والخطف، بالإضافة إلى موضوع انتشار البطالة فالشخص المتعاطي هو بحالة هدوء وغير آبه بدوره في المجتمع، إضافة إلى هدر أموال الدولة، فالدولة التي ينتشر فيها التعاطي ستكون بحاجة إلى دوريات أكثر، وأجهزة أمنية مكثفة أكثر، ومراكز علاجية ومصحات أكثر، وسياسة عقابية أكبر سجون وغيرها.. وهذا كله سيذهب إلى إنفاق وتكلفة كبيرة.