الثورة – ميساء العجي:
المدرسة مكان أساسي لتعليم الأطفال وتطوير شخصياتهم، لكنها أحياناً تتحول إلى بيئة مليئة بالتحديات.
فالعنف المدرسي أصبح قضية ملحوظة تؤثر على صحة الطلاب النفسية والتحصيل الدراسي، فتتحول الصفوف أحياناً إلى مسرح للصراعات التي تتجاوز حدود اللعب أو المزاح.
تشير الدراسات إلى أن حوالي نصف الطلاب تقريباً في المدارس يواجهون شكلاً من أشكال التنمر أو العنف سنوياً، ما يؤثر بشكل مباشر على تحصيلهم الدراسي وصحتهم النفسية.
خوف خلف الابتسامة
الطالب مروان النجار، 14 عاماً في الصف التاسع، يروي تجربته عن العنف بقوله، أحياناً أشعر بالخوف داخل الصف بعد احتكاك بيني وبين أحد الطلاب، ليس فقط من الضرب، بل أيضاً من التعليقات الساخرة أو إطلاق الألقاب المهينة أمام الجميع.
فالضحكات أحياناً تكون أقسى من الضرب لأنها تجعلني أشعر بالإحراج والخوف.
ويضيف مروان أحاول التركيز على دروسي، لكن التفكير فيها يشتتني. وتابع: في أوقات عدة أشعر بالوحدة رغم وجود زملاء كثر حولي وهذه مشكلة دائماً أعاني منها. هذه الكلمات تكشف عن الجانب النفسي للعنف، الذي غالباً ما يكون أخطر من العنف الجسدي.
في هذا السياق تشير الاختصاصية النفسية دعاء حسان بأن العنف المدرسي يؤثر على ثقة الطلاب بأنفسهم وقدرتهم على التركيز. فالطفل الذي يعيش في خوف دائم يصبح أقل قدرة على التفاعل الإيجابي والتحصيل الدراسي.
وعن مظاهر العنف في المدارس بينت أنها تشمل العنف الجسدي مثل، الضرب أو الدفع من الطلاب الأكبر سناً أو أحياناً ضرب من المعلمين.
والعنف اللفظي كالسخرية، والشتم، إطلاق الألقاب المحبطة. وكذلك العنف النفسي والاجتماعي القائم على عزل الطلاب عن الأنشطة أو نشر الشائعات. إضافة إلى العنف الرقمي مثل التنمر عبر وسائل التواصل أو الرسائل الإلكترونية خارج المدرسة.
أسباب العنف
تقول حسان: توجد عدة أسباب رئيسية للعنف منها، الضغط الدراسي والتنافس، التوتر الناتج عن الامتحانات يزيد العصبية لدى الطلاب، قلة الوعي بأساليب التعامل مع النزاع إذ إن بعض الطلاب لا يعرفون كيفية حل الخلافات بطريقة هادئة. ا
لخلافات الصغيرة التي تتصاعد تكون على شكل مواقف بسيطة مثل نزاع على مقعد أو قلم ثم تتحول إلى شجار كبير.
وتوضح حسان، أن العنف يؤثر على الطلاب بعدة مستويات، كالخوف والقلق المستمر الذي يقلل ثقة الطالب بنفسه. تشتت الانتباه والتحصيل الدراسي المنخفض نتيجة التفكير في ما قد يحدث. ناهيك عن العزلة الاجتماعية نتيجة تجنب مجموعات معينة. حيث للعنف تأثير طويل المدى على الشخصية، إذ يكتسب بعض الطلاب سلوكيات عدوانية لاحقاً.
وذكرت الاختصاصية النفسية أن الإحصاءات تشير إلى أن الطلاب الذين يتعرضون للعنف لديهم انخفاض في التركيز والتحصيل الدراسي مقارنة بالطلاب الآخرين.
جهود المدارس لمواجهة العنف
في هذا الجانب تؤكد حسان أنه يجب على المدارس أن تتبنى برامج محددة للحد من العنف، وإقامة ورش التوعية لتعليم الطلاب والمعلمين أساليب التعامل مع النزاع وضبط النفس.
مع الاهتمام بالدعم النفسي من خلال توفير اختصاصيين نفسيين لمساعدة الطلاب المتضررين. كذلك القيام بالأنشطة الترفيهية والتربوية، وتشجيع التعبير عن المشاعر بطريقة إيجابية من خلال الرياضة والفن.
وتضيف حسان أنه يجب ألا ننكر أهمية تعاون الأسرة والمدرسة. لمتابعة الأطفال وتعليمهم قيم الأحترام والتعاون.
حسان بينت، أن الشعور بالأمان والدعم هو الأساس للحد من العنف، فالطلاب الذين يشعرون بأن لديهم من يسمعهم ويهتم بهم يتجنبون العنف ويصبحون أكثر قدرة على التركيز والمشاركة الإيجابية. كما أن المدارس التي توفر اختصاصيين نفسيين وبرامج توعية تقل فيها حالات العنف بنسبة كبيرة.
المدرسة مكان للأمل
وتختم حسان بقولها إن العنف المدرسي ظاهرة تؤثر على التحصيل النفسي والاجتماعي للطلاب، لكنها قابلة للحد من خلال برامج التوعية، الدعم النفسي، ومشاركة الأسرة والمدرسة. فالمدارس يجب أن تكون بيئة آمنة وملهمة للتعلم والتطور، حيث يشعر الطلاب بالاحترام والأمان، بعيداً عن الخوف والعنف. فالضحكات والتعاون بين الزملاء، والمشاركة الإيجابية في الأنشطة كلها مؤشرات على نجاح المدرسة في حماية أبنائها وجعل تجربة التعلم ممتعة وملهمة.