الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
الشّعر وجه يمر عليه الزّمن، يترك خطوط العمر على ملامحه، يتأثر بمزاجيّة الفصول، وبعوامل الحضارة، ذكائها الاصطناعي وعالمها الرقمي، فيصبح أكثر حداثة وأكثر صعوبة في الحفاظ على قواعده وجوهره، فيتطوّر بتقنيّات حوامله ليخاطب جيل أدواته مختلفة وبعيدة كل البعد عمّا كان عليه في العصور السّابقة، ومن هنا اتّجه الشّعر نحو منحى الحداثة حرّاً بعيداً عن قافية تضبط إيقاعه كما كان ملزماً، فتجدنا اليوم نقرأ قصيدة على شاشة رقميّة كأغنية يضفي عليها اللحن حواسه، فنحفظ ما كتب ولحّن عن ظهر قلب، نغنّي أغنيّة أساسها شعراً، ونشاهد فيديوهات مصوّرة أساسها قصائداً، تُرسم بريشة الحروف، وتُحكى بنوتة اللحن، تترك في ذواتنا أحاسيساً لا تتركه في بعض الأحيان قصائد القافية، لا يهم الوسيلة التي نحفظ بها شعراً بقدر ما نهتم بأن نبتغي وجه هذا الشّعر جيلاً بعد جيل، ونبقى عشّاق الكلمة الجميلة التي تدهش القلب والعقل وتفتح الآفاق وتروّض جموح الأفكار وتكون ملاذاً آمناً لكل عاشق لها، ولابد من القول أن من أهمّ المدارس الشّعريّة الحديثة، الشّعر الحرّ الذي انتشر في العالم العربيّ رغم الانتقادات الأدبيّة التي طالته، نظراً لأنّ الشّعر الحرّ خلع عباءة الوزن الذي يُميِّز الشّعر وينظمه، وقد اعتبره البعض خسارةً كبيرةً للشّعر العربيّ، بينما لاقى الحر استحسان الفئة التي تبتغي التّغيير وتطمح إليه، وتريد أن يغطّي الشّعر مجالاتٍ أوسع، ويتحقّق هذا عندما يتخلّى الشّعر عن الوزن والقافية برأيهم، وبذلك يعطى الشاعر حرّيّةً أكبر في اختيار الألفاظ، والمفردات والمعاني في القصيدة، ليغطّي جوانب كثيرة في موضوع قصيدته.
العدد 1180 – 5 -3 -2024