الملحق الثقافي:
هناك طبقة من الرواة غلبت عليهم رواية الشعر على ما سواه من علوم العربية، فاشتغلوا بجمع شعرعرب الجاهلية وغيرهم ودونوه أو حفظوه. وهم غير الذين يختص كلّ راو منهم بشاعر فيكون راويته .. وقد علمت من كلامنا عن شعراء الجاهلية أنهم كانوا كثيرين، عددنا منهم مائة وبعض المائة، وهم أكثر من ذلك لضياع أخبارالباقين منهم في أثناء ظهور الإسلام، بسبب كثرة من قتل منهم ومن رواتهم في الحرب والغزو على عهد الرسول والراشدين.
فلما احتاج المسلمون في صدر الإسلام إلى معرفة معاني الألفاظ في التفسير والقراءة، عمدوا إلى جمع أشعار العرب وأمثالهم وأقوالهم بلا تخصيص. ثم غلب على بعضهم جمع الشعر، وعلى البعض الآخر شواهد النحو، أو الأمثال، أورواية اللغة. فأخذوا يطلبونها في أماكنها وينقلونها عن أصحابها أو من سمع عنهم. والمشهور أن أخبار الجاهلية لم يدون منها شيء قبل الإسلام. ثم ظهر أن بعض ذلك كان مدوناً في صحف عند أهل الحيرة من أيام المناذرة.
وأول من اشتغل بجمع الشعر بعد الإسلام ممن بلغ الينا خبره: حمادة الراوية المتوفى سنة 156، وقد عاصر الدولتين الأموية والعباسية وعاصر ابا عمرو بن العلاء المتقدم ذكره. ثم ظهر خلف الأحمر، والمفضل الضبي، وغيرهما.
العدد 1180 – 5 -3 -2024