إجراءات “المركزي” الأخيرة هل أثمرت.. خبير لـ “الثورة”: الحوالات أحد الأسباب.. عضو غرفة تجارة: القصة أكثر من إجراءات
الثورة – دمشق – ميساء العلي:
يرى أكثر من مراقب اقتصادي أن الإجراءات الأخيرة لمصرف سورية المركزي والتي تمت بالتنسيق والتعاون مع القطاع الخاص قد أثمرت، وبدا ذلك من خلال الانخفاض التدريجي الواضح لأسعار بعض السلع والمواد الغذائية في الأسواق.
عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق قال في حديثه لـ”الثورة”: إن هناك انخفاضاً لكن لم يتفق مع البعض أن تلك الانخفاضات كانت جراء إجراءات المركزي، ليذهب للقول إن القصة أكبر من إجراءات، بمعنى هناك توازن بين العرض المنخفض (نتيجة ضعف الدخل) مع الطلب المنخفض نتيجة انخفاض الكتلة النقدية المعدة للإنفاق من قبل المستهلك، وبالتالي بسبب انخفاض كل من العرض والطلب أدى هذا الأمر إلى انخفاض المستوردات وبالتالي انخفاض الطلب على القطع.
استقرار وتحسن الصرف
وأضاف: إن الأمر إيجابي من ناحية استقرار سعر الصرف وتحسنه، ولكنه سلبي على قدرة المستهلك في تأمين احتياجاته وقدرة الصناعي على زيادة الإنتاج وزيادة التوظيف.
ويتابع الحلاق “بالطبع في الاقتصاد هناك الكثير من الأمور التي تؤدي إلى نقاط إيجابية في مكان ما، ولكنها بنفس الوقت قد يكون لها تأثيرات قاسية على الاستهلاك والإنتاج، وبالتالي المطلوب مراقبة سعر الصرف بالتوازي مع باقي مفاصل الاقتصاد من زراعة وصناعة وسياحة وتجارة وغيرها”.
والمطلوب- بحسب الحلاق- أن يكون سعر الصرف منخفض بالتزامن مع اقتصاد قوي وزيادة بالإنتاج والتوظيف وزيادة الكتلة النقدية المعدّة للإنفاق، كما أنه لا يمكننا التفكير بمعزل عن الأحداث التي تجري في المنطقة وفي العالم، ولا بد أن نراقب ضعف الدولار عالمياً، وكيفية حركة الاقتصاد العالمي.
من جانبه يرى الخبير المصرفي الدكتور علي محمد أن التجارب السابقة والانخفاضات المتتالية بسعر الصرف والحرب على سورية، والتأثير على الاقتصاد المحلي ودائماً بفترات الأعياد هناك خاصية معينة تتعلق بارتفاع الحوالات الواردة إلى البلد من خارج سورية، وشهر رمضان له ميزة لطول الفترة فمعظم الناس تخصص هذا الشهر للقيام بواجبات دينية سواء من حيث الصدقات والنذور أو الاحتفال بالعيد، فخلال الـ 30 يوماً يرتفع حجم الحوالات التي يتم تحويلها، وبحسب التقديرات البسيطة قد يتجاوز حجمها وسطياً من 10 إلى 12 مليون دولار يومياً، وبالتالي هذا التنبؤ خلال شهر رمضان باستقرار وتحسن سعر الليرة السورية يضفي عامل من العوامل التي تضبط سعر صرف الليرة بمعنى ارتفاع الليرة أمام الدولار.
موجة حوالات
وأضاف: إنه خلال السنوات الماضية يتكرر هذا الأمر وخلال السنة الحالية، حيث يبدأ قبل شهر رمضان بعشرة أيام ويستمر إلى ما بعد العيد بعشرة أيام ،وبالتالي عندما نتحدث عن 12 مليون دولار يوميا أي 300 مليون بالشهر حصيلة لا بأس بها ، وإذا ما أردنا أن نقارن هذه الحصيلة أي 300 مليون دولار خلال شهر رمضان على إجمالي المستوردات للبلد التي تقدر بـ 4 مليارات يورو فهي مقارنة كبيرة.
ورد الخبير المصرفي على حديث التجار حول انخفاض الطلب على القطع الأجنبي بأنه “لا يعتقد أنه حديث دقيق، فالطلب مستمر ولا أحد يستطيع التحكم بارتفاعه على مدار العام سوى وزارة الاقتصاد من خلال تاريخ منح إجازات استيراد المواد الأساسية اللازمة للبلد لكن التهريب مستمر دونما توقيت “.
ويضيف محمد أن هناك مجموعة عوامل لا تتعلق فقط بالحوالات فهناك مناخ عام واستقرار بسعر الصرف بعد القفزات الكبيرة في الصيف الماضي ومعاودة استقراره منذ شهر أيلول وحتى الوقت الحالي حتى في السوق السوداء بحدود ثابتة – زائد ناقص- 500 ليرة.
ويقول: إنه من شهر شباط 2023 عندما بدأت نشرة الحوالات وتشجيع الناس على التصريف وفق نشرة تقارب السوق الموازي انخفض الهامش بين السوق العادي والسوق السوداء، لكن هذا لا يجيز الحديث عن إجراءات المركزي جيدة جدا كون السوق الرسمي لحق بالسوق السوداء مع المفروض أن يكون العكس.
حالة متوقعة
في حين رأى أستاذ التحليل الاقتصادي بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية أن انخفاض سعر القطع الأجنبي في السوق السورية.. النظامية وغير النظامية .. وبغض النظر عن أي إجراءات أو تشريعات حكومية (من المصرف المركزي أم من غيره من الجهات) هو حالة متوقعة وطبيعية وموضوعية ومبررة.
وسببها الأساسي والأهم هو: ازدياد التحويلات المالية الخارجية إلى العائلات في الداخل السوري، التي تتم (كما الأمر دائماً) قبيل وأثناء شهر رمضان حتى حلول عيد الفطر، وتبقى الحال كذلك حتى ما بعد العيد بعشرة أيام إلى أسبوعين ليعود سعر القطع (غالباً) إلى مستواه الطبيعي قبيل هذا الانخفاض، وكذلك الأمر خلال الفترة التي تسبق قدوم عيد الأضحى.
ويتابع فضلية: هذه التحويلات الخارجية يحولها السوريون المتواجدون خارج البلاد إما لغاية مساعدة الأهل ماليا أو لغاية دفع صدقة أو تسديد الزكاة عن المرسل وأمواله، أو شراء الأضاحي وذبحها وتوزيع لحومها على الأهل والأقرباء والفقراء.
أضف إلى كل ذلك- والكلام للخبير الاقتصادي- سبباً آخر لانخفاض سعر القطع في هذه المناسبات؛ وكذلك بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية؛ ويتمثل بتقلص أو انعدام أنشطة الاستيراد، وخاصة خلال شهر رمضان، وتقلص وبطء النشاط التجاري تصديراً واستراداً في جميع دول العالم خلال النصف الثاني من الشهر الأخير من كل عام ويمتد ذلك حتى منتصف الشهر الأول من العام التالي، وذلك بسبب كثافة الاحتفاليات التي تتم في كافة الدول الغربية والمسيحية عموما وفي الكثير من الدول الأخرى عموماً.
ويقول: هناك سبب آخر لانخفاض أسعار القطع الأجنبي في مثل هذه المناسبات التي ذكرناها أعلاه؛ وهو زيادة وتيرة تصريف وبيع القطع الأجنبي في الداخل من قبل من يمتلكون مدخرات منه، وذلك لتغطية المصاريف والنفقات الاستثنائية التي تنفق أو تزداد في هذه المناسبات.
وعليه يرى فضلية أن حال انخفاض سعر القطع في هذه المناسبة، كان وما زال وسيبقى إلى ما لا نهاية، ويمكن أن نتوقع منذ اليوم أن يحدث ذلك في العام القادم والعام الذي يليه، ليردف بالقول: لا علاقة للمركزي ولا لإجراءاته بهذا الانخفاض إطلاقاً، مع تقديرنا لجهوده.