الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
حين ترتبط الصورة بفلسفة روائية حينها يصبح لها معان تقربنا من مشروعية تفكير مغاير في الصورة السينمائية على وجه الخصوص، لعل أبرز التجارب التي جمعت بين السينما والرواية، النموذج الذي اقتبس من أعمال الروائي «حنا مينا».
رغم التقارب بين العالمين، إلا الاقتباس من الرواية إلى السينما يعاني من إشكاليات عدة تتعلق بنقل الكلمة إلى لغة مرئية، وقد يضطر إلى خيانة النص الروائي، فهل فعلوا من روايات حنا مينا…؟
الروائي الذي تنقل بين مهن شتى فقد عمل حلاقاً وحمالًا وبحارًا …أثرت البيئة الواقعية والساحلية في أعماله ففي «الشمس في يوم غائم» الذي أنتج 1985 من إخراج محمد شاهين، تناول حكاية عادل الأرستقراطي الذي يغادر بيئته لينزل إلى قاع المجتمع ويتعرف على الحرمان، ويعيش صراعًا بين ميراثه وأصوله الارستقراطية وثقافته.
في «فيلم بقايا صور» الذي أنتج عام 1979، يحكي عن أسرة «أبو سالم» التي تحيا حياة بائسة للغاية في عشرينيات القرن الماضي.
البحر لم يكن بمنأى عن خيارات السينمائيين كما فعل المخرج محمد شاهين في فيلم» آه يابحر» من إنتاج عام 1994، رواية «الدقل» يحكي عن أسرة البحار «صالح حزوم» من لواء اسكندرون إلى اللاذقية ومحاولة البحث عنه، إذ يحاول ابنه سعيد اقتفاء أثره بعد أن انطلقت أكثر من إشاعة عن سبب اختفائه، ويقرر أن يصبح بحارًا مثل أبيه…
أيضًا حضر البحر في فيلم «الشراع والعاصفة «من إنتاج 2011 وهو من إخراج غسان شميط، ويحكي الفيلم قصة بحارة في مدينة طرطوس الساحلية، في فترة الاحتلال الفرنسي والحرب العالمية الثانية، وما يعيشونه من تناقضات…
لا شك أن المخرجين الذين اقتبسوا من أعمال حنا مينا، أجبرتهم لغته الروائية وبيئة العمل التي اشتغل عليها، إلى إخلاص للعمل الروائي قد لا يشعر به المشاهد، إلا حين يقرأ روايات مينا ويقارن ليكتشف أن الفلسفة الروائية التي اعتنقها تبقى خالدة.
العدد 1183 – 26 -3 -2024