الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:
احتفى قومي طرطوس في يوم المسرح العالمي وبرعاية وزارة الثقافة -مديرية المسارح والموسيقا بعمل من تأليف وإخراج الفنان علي صقر بعنوان :(فتحة ضمة كسرة،ويستمر الهذيان.. ويستمر العرض).
أنجز المسرحيّ صقر عمله هذا، بعد سنوات طويلة من التوقف عن اعتلاء خشبة المسرح بشفافيته الجميلة وبأسلوبه المعروف لكنه غير المكرر. فحصد تفاعلاً إيجابياً مباشراً مع الجمهور الذي تابعه بشغف واهتمام وقبل ذلك بمحبة.فأنت عندما تذهب إلى المسرح لحضور تجربة مخضرمة وفكر منفتح، من الطبيعي أن تتفاعل بانفتاح ليأخذك الأمر إلى أن تقف مع ذاتك ولو للحظات، فتتساءل هل فعلاً انا أعيش هذه الحالة!. هل حقاً أنا أعاني من ذلك!. لكنه على الأكيد ما قيل على الخشبة قد قلته لذاتي مرات ومرات.!
إنها الحقيقة، إنه المسرح، الفن السامي، الذي نوّه عنه جون فوس الأديب والكاتب المسرحي النرويجي الحاصل على جائزة نوبل للأدب عام ٢٠٢٣ والتي وجّهها في كلمته بيوم المسرح العالمي في السابع والعشرين من الشهر الحالي ، حيث أنهى كلمته بالقول: “…الأمر بسيط تماما، تتعارض الحرب والفن كما تتعارض الحرب والسلام.الفن هو السلام“.
في (فتحة ضمة كسرة ..ويستمر الهذيان ويستمر العرض)، استطاع مصطفى سليم بطل العمل عبر أدائه المونودرامي ووسط ديكور مدروس بدقة، استطاع أن يقدّم جرعة دسمة من الحوار مع ذاته وبصوته الذي لوّنه حسب هذيانه، وأخذنا معه في جنونه وضياعه ونضوجه ومع تجربته في البيت والمدرسة والشارع والمصح العقلي والبحر ودروب الاغتراب وفي كل مكان صاغه على الهيئة والروح التي تفاعل معها الجمهور وتابعه بتفاصيله كاملة التي تمر على معاناة الإنسان وآلامه ومشكلاته اليومية ومحاولاته العبثية للنجاة بأمان وللعيش بسلام- إن أمكن- من دون أن يصاب بمسّ من الاضطراب أو الخلل أو الضوجان الذي يعيق مسار البشرية ويقودك إلى الكثير من الخسائر أولها على مستوى الوجدان .
عن سؤالنا حول احتفالية هذا اليوم وهل يدلّ ذلك الحضور المتنوّع والغني بشرائحه المختلفة على أن هناك مازال من ينتظر مسرحا رغم الحرب وظروف المعيشة المتعِبة:تجيب غادة عيسى مدير المسرح القومي بطرطوس بالقول: “يوم المسرح العالمي محطة جماعية لكل القائمين على المسرح ومحبيه ومريديه،لتجديد العهد لهذا الفن وللعمل بصورة أجمل وأكثر فائدة.
ولأن المسرح من أصعب الفنون وأجملها وله الصلة المباشرة مع الجمهور وردة فعله التي تعكس رضاه أو عدمه كان العمل لتقديم مايحترم عقله واهتمامه وشغفه . والمسرحيّ يأخذ نتائج عمله مباشرة من تفاعل الحضور.
ولأن المسرح مرآة تكاد تكون صادقة في كثير من الأحيان،
وهو متنفس للجميع، نأمل أن نكون قد نجحنا في أن نؤمّن هذا المتنفس لهواة المسرح في هذه المدينة و أعتقد ان الجمهور هو من يستطيع الرد على هذا السؤال”.
وتضيف: “بلدنا متعبة من حرب دارت رحاها سنوات ومازالت نتائجها السلبية في كل المجالات، ومع ذلك بقيت خشبة المسرح صامدة ومقصودة، صحيح أن ذلك أثّر كثيراً وبات هم الناس بلقمة الأكل أولا وبقية المواضيع تعدّ رفاهية، لكن هناك من يحمل رسالة المسرح بشغف سواء من الرعيل الأول الذي مازال يعني له الكثير حب اعتلاء الخشبة، وهناك أيضاً من الشباب الذين يحلمون ويحملون تلك الرسالة .ومنهم من تبهره الأضواء فقط.
إلى جانب الكثير من الناس الذين يهتمون بمستوى المعيشة مع الاهتمام بغذاء العقل ومازالوا يقصدون المسرح، ويتابعون عن قرب ويتناقشون في فكرة العرض والأداء والإخراج.
هل وصلت تلك الرسالة أم لم تصل بتفاصيلها.. ليست قضية، ففي كلا الحالتين ذلك يشكّل شأنا إيجابياً وحافزاً للأعمال القادمة مستقبلاً”.
