فؤاد مسعد
فيض من الدفء والإنسانية، والحضور المعجون بكاريزما مختلفة، إحساس يملأ كيانك ويجعلك تشعر أنك تعرفه منذ زمن، فهو ليس بغريب عنك وإنما سبق ورأيت وجهه يوماً بكل ما فيه من مشاعر وانفعالات، من خلال صورة والدك أو أخيك أو جارك المُقرب أو صديق.
يدفعك عبر طريقة أدائه للانجذاب إلى ما يقدم من شخصيات تحمل تنوعها، مرسخاً حضوره المؤثر في شهر رمضان عبر عملين جسّد في كل منهما شخصية متمايزة عن الأخرى، محوّلاً كل منهما إلى دوري بطولة. مؤدياً دور الوطني الذي يعتبر أباً لكثيرين حوله في “تاج”، فهو أبُ لكل الشبّان في نادي الملاكمة، أبٌ يُطلق صرخته المدوّية التي تحفر بالوجدان عميقاً مودّعاً “صبحي” الذي اغتاله جنرال فرنسي. كما أنه ذاك الأب الذي يبكي حال ولده بصمت ويشهد ألم اللحظات الأخيرة من حياة كنّته في “مال القبان”. إحساس عالٍ يدفعك للتفاعل بما ترى وتسمع من أداء لشخصيتين تحمل كل منهما وجع الدنيا.
إنه الفنان المبدع موفق الأحمد، الذي أدهش الجمهور بطريقة أدائه، وبنبرة صوت مدرسة يمكن أن تكون لوحدها “دراما” بتلونها ونغمتها وآلية إلقائها، لقد تماهت لديه الكلمة المنطوقة مع حركة الجسد حدّ التعّشيق، فأنتجت شخصيات مُشبعة من فعلها الدرامي، تعكس روح صاحبها بكل ما فيها من خصوصية وفرادة.
أدى في مسلسل “مال القبان” إخراج سيف سبيعي شخصية “أبو جاويش” الفقير والمتعيّش على باب الله الذي جارت عليه الأيام، هو الناطق بالحكمة، والملامس في كلامه حدود الفلسفة في أبسط وأعمق حالاتها، تنسال كلماته شعراً يتسلسل إلى النفوس، معبراً عن روح الشخصية وما تعتلج به من عوالم داخلية، بعبارات يرمي بها أمام أهل السوق متقصداً ما تحمله بين طياتها من أبعاد ودلالات. منها: “راضي ولا مانك راضي، الخسارة هي لما بتعيش عمرك كلو عم تبكي عالماضي”، ومنها أيضاً “المتعيّش الله يعينو لما الفقر يهد سنينو، دخلك شو بيطعّمي ولادو يلي عم ياكل من عرق جبينو؟”.
وفي مسلسل “تاج” إخراج سامر البرقاوي، هو “الصابوني” المناضل ضدّ المحتل الفرنسي، الذي يدير نادياً للملاكمة، وسبق أن أشرف على تدريب تاج البطل الذي لم يُهزم.
التالي