الكلام والسكوت.. في ميزان الذهب والفضة

الثورة – صبا أحمد يوسف:
كما في سوق الصاغة لاوجه للمقارنة بين سعر الفضة والذهب، فترجح كفة الميزان للون الأصفر، أيضاً في سوق الكلام والسكوت، هناك أيضاً ترجح كفة ذهب السكوت قبالة فضة الكلام في ميزان الأمثال الشعبية والتجارب الإنسانية.
ميز الله الإنسان عن سائر خلقه بالنطق، إلا أنه أعطاه أيضاً هبة السكوت، وجعل لكل واحدة منها صفات حسنة وأخرى سيئة، فتقدمت أحدهما على الأخرى وفقاً للموقف والمجلس والحالة، فليس كل كلام إيجابياً، ومن الأفضل ألا تنطق بالكلام إلا إذا كان كلامك خيراً من صمتك.
إذاً الصمت ليس صفة سلبية كما تعتقد غالبية البشر.. فهل للصمت إيجابيات، وما سلبياته وما فوائده لمن يستخدمون هذه اللغة أو كما يوصف أحيانا بالفن، وكم من الأوقات يضطر الإنسان رغماً عنه أن يصمت برغم تزاحم الأفكار والكلمات التي عليه النطق بها، ربما قسراً وربما عن قرار مسبق لحكمة ما.
ففي بعض الأوقات لابد أن يتوقف الكلام فيكون الصمت معبراً أكثر بكثير من أي صوت قد نصدره، وأحياناً يكون الصمت مدمراً لبعض العلاقات الإنسانية، حيث يوصف بالصمت السلبي، ومنه أيضاً ما يسمى الخرس الزوجي.
ربما تكون الرسالة التي كتبها يوما ما الفيلسوف نيتشه لأخته اليزابيث مثالاً للصمت الإجباري حينما كتب لها قائلاً “أصبحت صامتاً لأن لا أحد منهم يستطيع فهم حديثي، إنه لأمر رهيب أن تلتزم الصمت بينما لديك الكثير لتقوله”.
– قواعد الصمت..
عُرِّف علم الصمت بأنه امتناع شخص عن إصدار الصوت المسموع بشكل كلي أو جزئي، وهو شكل من أشكال غياب التواصل مع الآخرين في البيئة المحيطة.. وقد قيل عن الصم من مدح وذم الكثير فحدد الحكماء قواعد الصمت بأنه وقت الفوز ثقة، وعند الغضب قوة، ووقت العمل إبداع، ووقت الإساءة حكمة، وعند السخرية ترفع، ووقت الاستفزاز انتصار، وعند التضحية أدب، ووقت الحزن شكوى لله.
– عيوب الصمت..
يرى علماء الاجتماع أن النفس البشرية لا تحتمل ما يختلج فيها من مشاعر سلبية في بعض الأحيان وتحتاج إلى التنفيس عنها بطريقة ما، فكيف لايترك الإنسان لنفسه العنان للحديث عما يجيش في صدره، ويقال إن الصمت سلاح الضعفاء وهو سلاح لا يحصل عليه إلا من يستطيع تهدئة ضجيج نفسه.
إن العقل الواعي لدى الإنسان يأتي تراكمياً وزمنياً، فيكون لدى الإنسان الكثير ليتحدث به ولكن لا أحد يريد أن يصغي له لذا يأتي الصمت رغم الحاجة للكلام، ومن أنواع الصمت السلبي ما يجعل الإنسان انعزالياً غير اجتماعي وهذا النوع من الصمت مذموم بالعموم، فالصمت الذي يجعلنا لانواجه مواقف كثيرة في حياتنا هو سلبي، لأن للمواجهة أهمية كبيرة وعلينا الخروج عن صمتنا، وهنا تكون لغة الصمت بلا فائدة.
-الخرس الزوجي..
كثير من العلاقات الزوجية فشلت وانهارت أو انتهت بالطلاق النفسي، بسبب انعدام التواصل بين الزوجين، حيث يصل إليه الزوجان بسبب عدم حل المشكلات بينهما بشكل تام، ما يؤدي إلى تراكمها حتى يصلا إلى الطلاق الصامت.. الشكوى الدائمة من الزوجة بأن زوجها صامت في المنزل وليس بالضرورة أن يكون كذلك خارج المنزل أو الحياة الزوجية، وأحياناً تكون شكوى الزوج من كثرة كلام الزوجة بالمقابل، وبخلاف صمت الزوج فإن صمت الزوجة أو ما يسمى بالخرس الزوجي يعتبر كارثياً إذا استمر طويلاً، وفقد الحوار بين الزوجين وهذا النوع من الصمت يحتاج لبحث طويل آخر.
– فوائد الصمت..
كما للصمت سلبيات، أيضاً له فوائد وإيجابيات كثيرة، هناك صمت محمود وآخر مذموم فعندما يكون الصمت للتأمل والتفكير فهو إيجابي ويكون الصمت حلاً مثالياً لموجة الغضب، ولكن من دون كبت أو خوف، فالصمت سلام لا يجده إلا من يستطيع تهدئة ضجيج نفسه، تقول اختصاصية علم النفس سوبريا بلير: إن “الوجود مكان هادئ يساعد على التوقف من بذل الطاقة العقلية في أشياء غير ضرورية وتهدئة عجلة الأفكار المتلاحقة في الرأس، هنا يكون الصمت إيجابياً لتهدئة الأفكار المضطربة”.
في علم النفس الصمت خلال بعض اللحظات قد يعبر في الحقيقة عن أشد مرحلة من مراحل الانفعال والغضب، فأكثر اللحظات التي لايجد فيها الشخص ما يقول من الكلمات ويكون انفعاله بلغ الذروة يلجأ للصمت ويكتفي بالنظر فقط.
الصمت يكون حلاً مثالياً لموجة الغضب التي تصيبنا في كثير من المواقف في الحياة، فلغة الصمت مفيدة جداً لأنها توصل إلى الاستقرار النفسي، ولكنها تحتاج إلى تدريب متواصل، وإذا كان الصمت سلاماً داخلياً يهدئ ضجيج النفس، فإن الصراخ أحياناً يعطي نفس النتيجة، فكل شي بالحياة يحمل وجهين لعملة واحدة، فهل حقاً إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب؟.

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة