أكثر من ستة شهور منذ بدء الطوفان المقاوم الذي أدخل نتنياهو في متاهات يصعب عليه إيجاد مخارج سياسية وعسكرية منها رغم فائض الوحشية الممارسة بحق أهلنا، ورغم أطواق الإنقاذ التي مدت لـ”إسرائيل” لتلافي الهزائم وتدارك الفشل الذي أصاب كياناً يملك أضخم ترسانة سلاح محظور دولياً في مقتل غطرسته.
188 يوماً وروزنامة الأيام تؤرخ لثبات أسطوري للمقاومة أمام وحشية كيان الإرهاب، والأهم أن لا إنجاز عسكرياً حقيقياً للكيان اللاهث لاستعادة عنجهية مرغت على عتبات غزة وفي أحيائها.
ظنت واشنطن محور عربدتها أن الحرب المشهرة على الغزيين لن تتجاوز أياماً وستزيح كابوس الهزيمة الجاثم على صدر نتنياهو، وستمكنه من تجميل الخسارة وإعادة الثقة للشارع الصهيوني المذعور من قدرة المقاومة على الضرب في عقر الإرهاب، لكن لم تجر رياح الميدان كما تمنى العدو، فثمة ملاحون في بحر المقاومة أداروا دفة المواجهة ببسالة وتفوق ميداني بأرض المعارك، والنتيجة حاصرتهم غزة المحاصرة، وأسقطت عن وجوه عتاة الإرهاب العالمي أقنعة الإنسانية الزائفة، ووصمتهم بعار الشراكة بالإبادة الجماعية.
قد يعوم الاستعصاء المرحلي على سطح حلول لا تضمن حقوق أهلنا في غزة ولا تغلق بوابة التوحش الإسرائيلي المنفلت من عقال الشرعية الأممية… لكن المشهد الميداني يبقى كثيفاً لا ضبابية تكتنفه لجهة إيلام المحتل وإذاقته أوجاع الهزائم.
ما جرى ويجري أقوى من هزة ضعضعت بنيان الباطل الصهيو أميركي، ليس في منطقتنا فحسب، وليس على مستوى عظمة الثبات والتصدي والردع من قوى المقاومة على امتداد رقعة الذود عن الحقوق والاستبسال في مقارعة الجبروت العدواني، بل على المستوى العالمي إذ ثمة عنجهية تآكلت، وثمة متغيرات إقليمية ودولية فرضت نفسها بقوة، وثمة تداعيات يصعب على محور الشر ابتلاع غصاتها.
أركان حرب العدو ومن خلفهم أميركا يدركون جيداً أنهم أمام متغيرات استراتيجية كبرى زحزحت صخرة التجبر والتضليل، وأحدثت انعطافة عالمية كبرى بعد رؤية المظالم التاريخية بوضوح من الوجدان العالمي، ما عاظم عالمياً دعم المواقف المبنية على عدالة القضايا المحقة ومشروعية الذود عن الحقوق ورفض السطوة الغاشمة والتمادي العدواني.
السابق