ارتفع حضور الحالة التوثيقية في الحلقة العاشرة من مسلسل (تاج).. وانسابت الصور الواقعية المتتالية، في نهايته، بالأبيض والأسود مع صوت المطربة سارة درويش تؤدي موال “لولا المظالم”، من كلماته: (بلاد الشام لولا المظالم كانت فوق المدن، جنّة).
من أجمل المصادفات التي اشتمل عليها العمل أنه احتفى بعيد الاستقلال على طريقته، في آخر حلقاته التي عُرضت قبل المناسبة بأسبوع فقط، فبدت الحلقة بصدىً واقعي يلامس وجدان كل من شاهدها.
أكبر وأعمق الخلاصات التي يمكن أن تُستشف من المسلسل تتمثّل بكون أهم وظائف الفن تأتي عبر طرح غاياته بوسائل وأدوات غير مباشرة..
مع أن العمل كان واضحاً ومباشراً في موضوعته، لم يمنع ذلك من وجود توازن مع “اللا مباشرة” المقصودة.. التي تتسرب عبر الفن بكل تلقائية فتؤدي مفعولها..
وبالضبط هذا ما أحسسنا به لدى حضور الحلقة. فالأحداث جاءت ضمن السياق المنطقي التابع لتسلسل الحكاية التي بدأت عام ( 1936) وانتهت في يوم الاستقلال 17 نيسان عام ( 1946).
وبكل تفاصيله، انشغل العمل وصولاً إلى تلك اللحظة، وبالتالي لم يكن فقط يحتفي بيوم الاستقلال، إنما بفترةٍ زمنية، بعقدٍ كامل بما اشتمل عليه من نضالٍ وجهدٍ حقيقي، كانت جميعها مقدّمة فعلية وصولاً لتلك النتيجة.
بعيداً عن كل تفاصيل وسرديات الحكاية الأساسية، ثمّة حالة رمزية عالية يشتمل عليها مشهدٌ واحد..
نعم..
مشهدٌ واحد، كان بحجم عملٍ كامل..
تمثّل بالظهور الأول للعملاقة منى واصف، في العمل..
مشهد واحد حمل من الرمزية العالية، الشيء الكثير.
وعبر هذا (المشهد/الظهور) يُعيد عمل “تاج”، مرة أخرى التأكيد على ذكاء وبراعة الفن بإغراقنا جمالاً لا مباشراً..
كما أغرق حواسنا جميعها.. بصرياً.. وسمعياً..
فاحتفلنا معه بالاستقلال وفق جماليات تلقيناها بقلوبنا قبل عيوننا..
فصيد الجمال، أو بتعبير أدق، معرفة صيد الجمال من أهم أسباب نجاح أي عمل فني.

السابق
التالي