غبت عنكم لإضاءتين اعذروني فمداد قلمي اخذ يستحي من نجيع دم أهلنا في فلسطين وغزة.. حروفي باتت خجلى من نور أسماء شهدائهم وكل عباراتي لن تفي أمهاتهم حقهن في عظيم صبرهن وجبروت عزائمهن.. ورغم لهاثي في الدعاء لأجل انتصار غزة وفلسطين بأهلها ومقاوميها.. إلا أن وعد الحق أحيا حروفي.. وأنعش مداد قلمي وأثارت أضواء حمية المُسيّرات والمجنحات عبراتي وعباراتي.
لما بدأت حرب الإبادة على غزة فلسطين لم يكن العدو وحده ضد أهلها فقد كانت أميركا بجسور الإمداد من كل قواعدها القائمة على أراضي دول المنطقة، وكذا الإمداد الفرنسي والألماني والإنكليزي لوجستياً وإعلاميا وعسكرياً ضد الشعب المقهور الذي ذنبه الوحيد أنه يحاول انتزاع حريته من مغتصبيه ليعيش بسلام.
وما إصرار نتنياهو على إطالة زمن الحرب الذي تجاوز 193 يوماً إلا بحثاً عن ما يمكن أن يبعده عن قضبان السجن الذي ينتظره، أو جرَّ المنطقة إلى حرب يزج فيها بأميركا مهما كانت النتائج.. إلا أن نصر السابع من أكتوبر الذي أحدث شرخاً ليس في مؤسسات الكيان فحسب بل في الثقة التي فقدها المستوطنون على أنهم في أرض الميعاد التي وعدوا فيها حيث الرفاهية والأمان.. ولو ترك الكيان دون دعم لتغير وجه النتائج وقواعد الاشتباك.
رغم كل الدعم يلقى الكيان الهزائم تلو الأخرى وها هم أهل شمال غزة في طريق العودة إلى بيوتهم المدمرة.. ليعمروها رغماً عن أنف أعدائهم.
لم يعد التدمير يوجع إلا سلطة الكيان لأنه أصبح متاريس للمقاومين.. الطوفان مازال يهدر ليسوق في سيله العرم تفتيت قوة الكيان.. الذي بات يخشى قادته من إغماض عيونهم خشية أن يجدوا فوق رؤوسهم إن فتحوها مقاومين؛ يورثونهم هزيمة جديدة.. لذا يحاول نتنياهو وعسكره مد أذرعهم إلى سورية والعراق واليمن.. وظنوا انهم إن امتدت ذراعهم للقنصلية الإيرانية في دمشق يمكنهم أن يكسروا ظهر المقاومة.. لكن فألهم خاب؛ فحين جاء الرد الموعود حقاً، هلع مستوطنوهم ودوت صافرات الإنذار أكثر من سبعمئة مرة وفي تزاحمهم للملاجئ وطئ بعضهم بعضاً.. وعاصفة المسيّرات والمجنحات الإيرانية التي أمطرتهم بغيث النيران كانت الطير الأبابيل وهي تحقق أهدافها المرسومة بدقة. وما كانت ليبتعد عديد منها عن أماكن غير أهدافها لولا الطائرات الإنكليزية والفرنسية التي انطلقت من قواعدها المزروعة في أراضٍ مع الأسف عربية؛ غصباً أو بحفاوة الحكام.. والتي ساندت طائرات الكيان.
أي خزي ناله الكيان أمام مستوطنيه والذي ستبرز نتائجه مع الأيام.. القبة الحديدية بانت عيوبها وقوة جيش الكيان وضحت هشاشتها.. ليل أشبه ما يكون بصباح السابع من أكتوبر هزتان خلال مئتي يوم إلا قليلأً.
لكل مغمض عينين أو مفتوحهما.. لو ترك جيش الكيان وحده بعيداً عن داعميه وأشكال دعمهم المختلفة لانتهى بأقل زمن..
يوم أنزلت الثورة الإيرانية علم الصهاينة ورفعت العلم الفلسطيني ما كان إلا هدفاً مدروساً ورسالة للعالم أن الأرض لأصحابها في إعلان ولادة مقاومة حقيقية ظهيراً لأصحاب الحق.
أما ما فعلته حكومة النتن حين سولت لها نفسها ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق فهو بداية وبال كان لابد من الرد عليه بما كان في ليل الرابع من نيسان. ومهما حاول الكيان تسفيه الأمر إعلامياً على أنه مسرحية.. يكفي أن خشبتها القواعد التي انطلقت منها قاصفات القنصلية، أبطالها مسيرات اللهب التي أسدل بعدها الستار على هلع ورعب بات يسيطر على أزقة الكيان والسائرون فيها وعيونهم شاخصة إلى السماء التي قد تمطرهم في أي لحظة باللهب. مع فقدهم الثقة أمام رعونة حكامهم.
مع ذلك مهما طال أمد الأيام وتنوع الدعم ستنتصر المقاومة.. ومهما ضغطت أميركا ودول الاستعمار المالكة لمجلس الأمن والتي منعت انعقاده ورفضت إدانة الكيان لخرقه المواثيق الدبلوماسية العالمية بضربه القنصلية الإيرانية في دمشق، ومهما كان للباطل جولات فإن مداد الدم الذي تعدى مداد الأقلام التي تدين، وقد جف في أقلامهم.. هو من سيكتب قارعة النصر على رؤوس أعداء البشرية والإنسانية أعداء السلام في زمن يدّعي العالم أنه يسعى إليه عبر حروب الشيطان الصهيوأميركية والغربية التي يشعلونها في العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين ليكون قرن الحروب بامتياز. لكن الجلاء لابد يتحقق ليطهر الأراضي المحتلة من غاصبيها كما كان جلاء فرنسا عن سورية وسيكتب التاريخ ذلك للأجيال القادمة، بدم يزهر شقائق النعمان تحت الشمس.

السابق
التالي