لو سألت أي مواطن عن إجراءات حكومية للحد من الفساد، والهدر لكان جوابه بالموافقة والشد على الأيادي في سبيل القضاء على كل من يمس لقمة عيشه …
عندما اتجهت الحكومة لتركيب أجهزة التتبع الإلكتروني على سيارات النقل العامة “السرافيس ” كان يجب التأكد من عدم وجود ثغرات تقلل من أهمية هذه التجربة لا أن تترك المجال ” للتجريب ” و هذا ما ظهر واضحًا من خلال القدرة على التلاعب و الاختراق … و الأمثلة كثيرة لا مجال لذكرها كوننا ذكرناها و بالتفصيل سابقًا..
قلنا إن الجهات ” الإلكترونية ” المتابعة و المتتبعة للمصلحة الوطنية لن تقع بالمطب مرة ثانية عندما قررت تركيب تلك الأجهزة على السيارات الحكومية و لن تترك المجال للتجريب و اكتشاف الأخطاء و معالجتها قبل أن تقوم بالتجربة والتركيب..
الذي حصل أن الجهات المعنية بالأمر قامت بالتجربة على شركات و مؤسسات عامة على اتصال مباشر بخدمة المواطن و الذي يستدعي منها التدخل الفوري للمعالجة..
عيوب أجهزة التتبع الإلكتروني ظهرت منذ اليوم الأول أثناء تركيبها على آليات شركات الكهرباء و التي تستخدم ” رافعات ” لإصلاح الشبكة و صيانتها ..
الذي حصل أن الجهاز لم يراع أن تلك الروافع التي تقوم بإصلاح الأعطال على الشبكة و هي في حالة تشغيل المحرك و يمكن أن يستمر التشغيل ساعات طويلة .. وبالتالي لم تفتح بطاقة المحروقات الذكية وتم حرمان تلك الروافع من مخصصاتها، الأمر الذي أدى إلى توقف تلك الروافع في شركات الكهرباء و أقسامها في المناطق كون الجهاز لم يلحظ هذا التفصيل المهم في عمل تلك الشركات..
نتائج هذا التجريب غير المبرر والخطأ الذي يجب أن تكون الجهات المعنية قد تداركته قبل البدء بعملية التجريب أدى إلى فوضى و توقف تلك الروافع عن الخدمة، إلا في حالة استثنائية عبر قيام بعض مديري الشركات بالاستدانة من محطات الوقود ريثما يتم تدارك الأمر مع معرفة هؤلاء المديرين أنهم سيتحملون المسؤولية و يدفعون من جيوبهم أو عبر أساليب ملتوية إن لم يتم معالجة الوضع بالسرعة القصوى..
الأمر نفسه وقعت به وزارة الصحة و المشكلة التي اعترضتها أثناء تركيب أجهزة التتبع الإلكتروني على سيارات الإسعاف.. الجهاز لا يسمح لسيارة الإسعاف تخطي حدود المحافظة التابعة لها .. و لو افترضنا أن حالة إسعاف طارئة إلى مستشفى متخصص في محافظة أخرى سيكون الحل بنقل المريض إلى الحدود الإدارية للمحافظة الجارة و تقوم سيارة إسعاف أخرى بملاقاتها و نقله.
ما هذا التعقيد و من يتحمل مسؤوليته؟.. وهل من الحكمة أن يترافق الروتين في هكذا مجالات حساسة ربما لا تحتمل التأجيل و يكون الوقت عاملاً مهماً في إنقاذ مريض أو إصلاح عطل طارىء..
القضية تحتاج إلى قدرة على المحاكمة العقلية ووضع أشخاص على قدر المسؤولية و قدرتها على اتخاذ قرارات استثنائية .. !!
القضية أخذت أبعادًا أخرى ووصلت إلى مرحلة التشكيك العلني في جميع الإجراءات والقرارات التي تخالف المنطق و علنًا..
المواطن ليس حقل تجارب، ويكفي ما يعانيه من منغصات يومية لا تعد ولا تحصى.