الثورة _عبير علي:
يستخدم الخط العربي كأسلوب من أساليب الفن بلغة خاصة، وينسج بخيوطه إيقاعات موسيقية بتشكيلات حروفية، ولوحات فنية بأشكال الزخرفة الحرفية، ومناظر تنعش الروح. إنه الفنان التشكيلي «خلدون الأحمد» الذي اختار أن يبرز في عمله إيقاعاً خاصاً به عبر المدرسة الحروفية، فأسس لأعماله منهجاً خاصاً وطريقة في تقديم الحرف العربي تشكيلياً. إذ يأخذنا إلى عوالمه ويبحر بنا دائماً في جماليات العمل التشكيلي، ما يعطي ذلك أهمية كبيرة لأبجديتنا العربية، وعشقه لمفرداتها بطريقته التي يصوغها لنا في إبداعه الدائم. وللإضاءة على تجربته الفنية كان لنا معه الحوار التالي:
في رحلتلك الطويلة في العمل، ما الحروفية عند خلدون الأحمد؟
الحروفية مدرسة تشكيلية كأي مدرسة في الفن، هي لا تعتمد على الكتابة كجملة أو كتابة نص بالخط العربي، هذا له قواعد وأسس وفق أنواع الخطوط العربية المتعارف عليها، أما العمل التشكيلي الحروفي لايعتمد على قاعدة معينة، في تشكيل مساحات الحرف بنسيج تكويني بصري في اللون والحركة لإيقاعات تموضع الحروف في اللوحة. هو عزف سيمفونية لونية لإظهار مفاتن وجمال التكوين للحرف.
كيف كانت بداياتك في العمل الحروفي؟
يبحث الفنان منذ البداية عن مفردة يكوّن بها عمله التشكيلي، وبعد دراسات حول أبجديتنا الكبيرة والرائعة، كانت أول تجرية لي بمعرض عام ٢٠٠٦ قدمت خلاله ٢٥ عملاً حول جماليات الحرف، فكانت البداية للعمل التشكيلي الحروفي، وبعدها أبحرت بعوالم الخط وتكويناته، إلى أن وجدت نفسي أغوص بهذا البحر العميق والمدهش والجميل بلغتنا لغة الضاد، وأسعى إلى إيجاد صيغ تليق بمكانة هذه اللغة بين لغات العالم، فلغتنا الأجمل بين كل اللغات لما فيها من طواعية وليونة بآن واحد.
كنت أتجول في أحيائنا القديمة، لأكون من هذه التكوينات البنائية التراثية من فسيفساء الشكل المعماري الرائع، وعلاقة تكوينات الزخرفة الموجودة في بيوتنا العربية، فوق الأبواب والنوافذ والأقواس لتعطي إبداع هذا التصميم، وأعود لمرسمي وفي ذاكرتي هذا الجمال. فأستمد من تلك الزخارف والأقواس مشهدي التشكيلي، لطالما أنني عشقت الحرف العربي الممتزج بهذه الأصالة والتاريخ.
ما عدد معارضك حول التكوينات الحروفية ؟وهل لكل معرض ميزة عن الآخر؟
أقمت عشرة معارض فردية في التشكيل الحروفي وكنت أنقل المعرض لصالة أخرى ليتمكن من مشاهدته أكبر عدد من الزوار. المضمون في الأعمال لايتغير، إنما تتغير طريقة التشكيل داخل اللوحة، وطريقة نسج اللون في حركة إيقاع الحرف وتموضعه، داخل إنسيابية الإيقاع ومساحة اللون فلكل معرض عنوان، وأحرص دائماً على العمل ليخدم العنوان.
كيف تبدأ العمل في مرسمك؟
تغمرني سعادة كبيرة عندما أدخل مرسمي، وأبدأ بتكوين دراسات على الورق قبل العمل على القماش، هنا تتزاحم الأفكار أحياناً أبدأ بالفكرة ثم ألغيها، فأنا دائم القلق والبحث فيما سأقدمه للمجتمع وللمتلقي، إذا لم أكن مقتنعاً بالعمل ألغيه وأبدأ من جديد هنا تكون المصداقية في الطرح، أحياناً ألخص وأضيف وأحذف كل شيئ ممكن قبل أن أنهي العمل وأضع توقيعي عليه. وهذه حالة صحية جميلة للفنان في مرسمه، فهو حين يبدع في عمله لأنه وجد نفسه محاطاً بالجمال، فيصوغه بكل حب وصدق ليظهر العلاقة والإحساس بين عشقه وعمله.
كيف ترى المشهد التشكيلي والثقافي؟
المشهد التشكيلي بحالة ملفتة ومتألقة، والملتقليات التشكيلية على مدار العام، وهذا مناخ رائع نعيشه أيضاً بالحالة الثقافية، فهناك الكثير من الندوات والملتقات الشعرية والأدبية والمسرحية في جميع المحافظات بشكل دائم.
بماذا تلخص لنا تجربتك الحروفية؟ وما الرسالة التي تود إيصالها؟
يجب على الفنان أولاً أن يُخلص لعمله ويعشقه بصدق، ويكون راضياً عنه، هذه هي الرسالة التي يحب كل فنان أن يوصلها، وأتمنى أن أكون قد وفقت في تجربتي لإيصال هذه الأعمال وهذا الحب والعشق لجمال الحرف العربي لكل العالم، فالفن التشكيلي السوري وصل للعالمية.