بين المطالب والتوجيهات الكثيرة والمتكررة الواردة في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة للوزارات المعنية غاب أو ربما سقط سهواً ما يحدث في الأسواق من ارتفاعات كبيرة بالأسعار ويتصدرها الثوم المنتج الزراعي المحلي بعزّ موسمه وواقع الكهرباء السيء والأهم الوضع المعيشي للناس.
غابت الأساسيات بالنسبة للمواطنين وحضر ما يعتقد أنه الأهم من وجهة نظر الجهات التنفيذية، ويشمل تجديد التأكيد على دعم الصناعات المحلية، وهو مطلوب ومهم لاعتبارات كثيرة لعل في مقدمتها ضخّ مواد وسلع بالسوق المحلي لتخفيف فاتورة الاستيراد المتصاعدة عاماً بعد آخر على حساب التصدير.
نعم، الحكومة مطالبة بالتوضيح للمواطنين عن أسباب ارتفاع أسعار الثوم بشكل كبير وغير منطقي، والعمل فوراً على معالجته بالتوجه أولاً للتجار الذين احتكروا المادة للعمل على ضخها لاحقاً، وتحقيق مرابح كبيرة، وثانياً لضبط الاختلال الكبير الحاصل بالسوق، وفرض تدخلها الإيجابي عبر مؤسساتها الغائبة بكل السبل، فمحصول مهم كالثوم لا يفترض أن يترك لعبث التجار والمتلاعبين بقوت الناس.
وبالعودة للعنوان الأبرز في خبر جلسة مجلس الوزراء وهو دعم الصناعات المحلية، فحتى بهذه الحيثية المهمة تسود التناقضات بين الأقوال والأفعال والواقع يشير بالأرقام والمؤشرات وحتى بجانب كبير من النتائج لتوقف وخروج عشرات المنشآت الصناعية من العمل والإنتاج في مختلف المحافظات وبالأخص في عاصمة الاقتصاد السوري حلب لأسباب أبعد ما تكون عن مصطلحات الدعم المعلن عنها ومنها ارتفاع أسعار حوامل الطاقة المؤثر الأكبر على تكاليف الإنتاج.
وطبعاً يساق هذا الوضع على القطاع العام الصناعي الذي يواجه تحديات كبيرة باتت تهدد فعلاً بعواقب كارثية على الاقتصاد الوطني، ما يعني بالمحصلة أن غالبية القطاعات الإنتاجية بوضع صعب جداً، ويتطلب التوقف فوراً عن الكلام والوعود بأهميتها ودعمها والتوجه نحو إنقاذها لأن اللعب على عامل الوقت لا يخدم أحد.
وهنا أعود لأستحضر مثال سبق وذكرته بهذه المساحة، وهي أغنية أنشدت في سبعينيات القرن الماضي تحمل الكثير من الدلالات والعبر لأصحاب القرار تقول ببعض كلماتها “المرجوحة يا ابني من معمل وطنا وكتابك وأقلامك ورغيفك من عنا ” باختصار الاعتماد على الذات والعودة للزراعة وتذليل صعوباتها لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وإعادة الألق للقطاع الصناعي بجناحيه العام والخاص هو أولوية الأولويات بهذه المرحلة لتجاوز تحدياتها وصعوباتها ودون ذلك كلام على ورق.