الثورة – محمود ديبو:
من الواضح اليوم أن سوق السياحة الداخلية خسر نسبة من المستهلكين والرواد ليس بفعل المنافسة ولا لتغير في مزاج المستهلك أو الزبون وتخليه عن المنتج الداخلي لصالح منتجات سياحية خارجية أكثر جاذبية ومنافسة، وإنما السبب الرئيسي والمباشر هو تدني دخل هؤلاء المستهلكين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لشطب رحلات الاصطياف من قائمة مشترياتهم، وهي التي كانوا قد اعتادوا عليها على مدى سنوات سبقت، كما فعلوا مع الكثير من المنتجات والسلع الاستهلاكية وكذلك الغذائية، مع اتساع الفجوة ما بين الدخل وأسعار المنتجات والسلع والخدمات.
وأكثر ما يمكن الحديث عنه هنا هو سياحة العائلات، حيث بات من الصعب على رب أسرة دخله محدود أن يغامر برحلة سياحية نحو أي من المقاصد الداخلية، حتى لو كان الأب والأم يعملان بأجر.
فالعلة ليست في ارتفاع تكاليف المنتج السياحي، لأن سعر المنتج بالنهاية يتأثر بمستويات الأسعار السائدة بدءاً من أسعار المحروقات والكهرباء والماء والهاتف (بالسعر التجاري) وصولاً إلى أسعار الخضار والفواكه والمشروبات وغير ذلك من ضرائب ورسوم وأجور عمال و…
ما يشير إلى أن السياحة باتت مقتصرة اليوم على شريحة (النخبة) من المواطنين من أصحاب الأعمال ذوي الدخول العالية والقادرين على دفع الفواتير في الفنادق والمطاعم والشاليهات والمنتجعات بسهولة، وما تشهده المقاصد السياحية المختلفة من ازدحام وحالات امتلاء، لا يؤشر على أن السياحة لا تزال متاحة لمختلف الشرائح الاجتماعية.
وزارة السياحة كان لها مبادرات ومساع في هذا الاتجاه لكسر حدة الأسعار وإتاحة الفرصة للشرائح الأضعف عبر ما أسمته ذراعها التدخلي (الشركة السورية للسياحة) وتقديم شاليهات بأسعار مناسبة في بعض المواقع على الشواطئ، وتنظيم بعض رحلات السياحة الداخلية بالاعتماد على ما لديها من (بولمانات) إلا أن هذا التدخل بقي محدوداً بالنظر إلى محدودية ما هو متاح لديها.