الثورة – حمص – سلوى إسماعيل الديب:
تبقى فلسطين الغصة والجرح في قلب كل عربي شريف، نحن اليوم أمام قراءة في “معلقة غزة على أسوار القدس”، للشاعرالفلسطيني خالد أبو خالد ألقاها الأستاذ الدكتور عصام الكوسا من على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب بحضور عدد من المهتمين وأعضاء الاتحاد ورواده، وسنتناول أبرز ما جاء فيها..
تناول الكوسا بداية العنوان الذي يعتبر العتبة النصية الأولى الذي تفتح أبواب النص أمام المتلقي، وهي المنفذ الأساسي لبيان خفاياه وسبر غوره، وتختزل جانباً مهماً مما يريد إيصاله للمتلقي.
فلفظ المعلقة يحمل إرثاً عربياً أصيلاً، حيث كانت تعلق أجمل القصائد على جدران الكعبة، استطاع الشاعر أبو خالد أن ينقل هذه الدلالة ويعطيها بعداً معاصراً ودلالياً جديداً..
فحين سمى القصيدة غزة أراد أن يبرز هذه المدينة التي تغاير جميع مدن فلسطين جغرافياً وتاريخياً وسياسياً، فهي تضم فضاء واسعا، تمدٓ يداً إلى الصحراء ويداً إلى البحر..
وعن السمات الأسلوبية والدلالية لمفردة النخيل يقول الكوسا: وردت كلمة النخيل سبع عشرة مرة في المعلقة، وبدأ بها معلقته، والتكرار يمثل سمة أسلوبية في بناء القصيدة المعاصرة، وقد وظفه الشاعر لخدمة مقولات النص ودلالته، فجعل النخيل معادلاً موضوعياً للهوية الفلسطينية والانتماء للأرض،فالنخيل يرمز للشعب الفلسطيني كله..
كانت النخلة مؤنسة الأمير عبد الرحمن الداخل في غربته في الأندلس حيث طلب أن تزرع في حديقة قصره، ومن قول أبو خالد فيها:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلةٌ تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت شبيهي في التغرب والنوى
وطول اكتئابي عن بني وعن اهلي..
وأضاف الكوسا: النخلة هي الكلمة المفتاح في معلقة غزة على أسوار القدس وهي كلمة سر القصيدة ولذا حرص على تكرارها كي يبقى ما تحمله من معانٕ ودلالات مسيطراً على المتلقى، ولا ينشغل بمعانٕ أخرى..
فالنخلة بما ترمز إليه من هذه الدلالات حملت عدداً من التحولات ،منها:
فالنخيل صاحب إرادة حرة وهذا يتمثل في قوله:
لنخيل غزة.. ما أراد.. وما يريدُ
وما أريدُ لنجومه الاصفى .. تكون قصيدتي قمراً،
أما التحول الثاني فالنخيل صاحب الرؤية: يتطلع إلى ما سيحدث في المستقبل ، مستنداً في هذه الرؤية إلى ما مضى من أحداث وثورات يقول:
لنخيل غزة أن يرى ما سوف يحدث
أو جرى.. لدم المدائن .. والقرى
بين الرصاصة.. والقذيفة.. والوريد..
فالنخلة هي المقاتل الفلسطيني الصامد في أي بقعة من بقاع فلسطين ، وهي الفدائي الذي رفض الذل..
ومما تناوله الكوسا من التحولات: النخيل صاحب موقف ثابت والنخيل صوت الحق وحامل الذاكرة والهوية والنخيل أبجدية ولغة ومناضل أممي..
وأخيراً:استفاض الكوسا بشرح كل تحول مما ذكر، وقام بإعطاء الأمثلة من المعلقة وسط تفاعل من الحضور.