الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
حين نريد تقييم المشهد الإبداعي لابد من تتبع النتيجة، هل يؤثر النتاج الإبداعي في البيئة التي تنتجه، وهل يمتد ويمتلك أحقية البقاء …؟
فيما مضى كان للإبداع حضوره المختلف عن كل ما نعيشه حالياً، كانت المعطيات التي تحدده دون أن يتأطر خلالها تفضي بنا إلى فضاءات إبداعية لانهائية.
تلك الفضاءات لطالما اهتمت بالنقد، ولكن ليس أي نوع منه، بل ذلك الذي يحتفي النقاد بالمنتج باعتباره حالة ثقافية ومنجز فكري عليهم تفنيده وفق المناهج والاختصاصات التي يعايشونها منذ زمن، وحين كان يتجرأ متطفل على المهنة يضع نفسه في مأزق لاتحمد عقباه.
مع التغير الذي عشناه ومع تحرر الكلمة من أمكنتها الاعتيادية حيث أصبح أي كان بإمكانه أن يمتلك صفحته على مواقع التواصل ويحتفى به كأنه أهم مبدع حتى لو كانت كلماته مجرد مفردات لا معنى لها.
ليست مواقع التواصل وحدها من يسهم بالتسطيح، بل حتى الكثير من الفضائيات التي تصر بمختلف برامجها على تغيير الذائفة وضخ برامج ودراما مفرغة من أي مضمون.
مع هذا الحصار وتدني المحتوى المحيط بنا، يعيش المبدع حالة من الحصار كأنه في برج لم يضع نفسه فيه بل الحالة التي تحيط بنا من كل جانب هي التي تدفعه إليه.
هنا يصبح بإمكان المروجين للأنشطة والنتاجات الفكرية أن يتصدروا المشهد مهما كان نتاجهم هشاً سيجدون من يروج لهم،ترويج يحكمه المصالح الضيقة، معتمدين على كل هذا التغير الذي عشناه، حتى يصدروا كأنه إبداع لامثيل له.
المشكلة تفاقمت مع استسلام المبدعين الحقيقيين ومع تهميش دور وحضور الجهات أو المؤسسات الفاعلة في المجال الفكري والثقافي..
سيبقى هذا الصراع بين الحضور الهش والجوهري إلى وقت لاندري كم سيطول، ولكن وحده الزمن سيكون الحكم الفعلي حينها سنرى أي منتج يصلح للبقاء والعبور.
العدد 1198 – 23 -7-2024