الثورة- علا محمد:
عندما نتحدث عن الإبداع فإننا نجد أنه لا يعترف بالقيود أو الحواجز، وهذا ما تجلى بشكل استثنائي في حكاية الروائية نور داوود هذه السيدة التي تعيش حياةً مليئة بالمسؤوليات والتحديات بين عملها اليومي والمنزل إلا أن قلمها المبدع استطاع تصوير عوالم مدهشة وشخصيات مؤثرة أسَرت بها قلوب القراء منذ روايتها الأولى «مواكب الأحلام المنسية» التي لاقت نجاحاً باهراً، مادفعها للإصرار على مواصلة رحلتها الأدبية والتعبير عن رؤيتها الفريدة في روايتها الثانية «انحرافات عقلية» التي أصدرتها مؤخراً عن دار عين الزهور.
ومن بين فيروزيات الصباح ومواء قطط الشوارع، بين الغناء والصراخ والرقص فرحاً أو حسرة أو حول شواهد القبور كان التناقض الذي ألهمها لتكتب روايتها.
بهذه الكلمات بدأت نور داوود حديثها في لقاء الثورة معها وأضافت: نحن نعيش في عالم متقلب مخيف وكل منا لديه وحش يضعه داخل إطار ويخشى من خروجه، فإن استطاع الإفلات من سنصبح؟.
هذه الفكرة ولدت داخل رأس نور وبقيت حتى سيطرت كلياً وعندها استطاعت إخراجها لتظهر الرواية مع شخصياتها وعوالمهم وحياتهم، والتي تعكس بشكل كبير الضغوط التي نتعرض لها في حياتنا.
وعن أحداث الرواية كان سؤالنا لـ» نور» التي بينت أنها أرادت التطرق إلى العوالم النفسية والعقلية مع الكثير من التطرف لتكون قصة آدم الشخص الذي يعاني من هلوسات انفصامية تجعله يرى غولاً داخل الإطار، يخشى أن يسيطر عليه ويحاول التخلص منه فيعود بذاكرته إلى الوراء حيث حادثة انتحار والده والتي وقعت أمام عينيه وهنا تسترجع نور مع شخصية آدم أحداث الطفولة ومراهقته والشباب فالرواية تدرجت بمراحل وكتبت ضمن أبواب «هستيريا الجحيم وهلوسات طفولية، غرائز شيطانية و ذاكرة سايكوباثية» أبطالها: آدم وايفا، سوزان وريمي، سلوى وعصام وحسن وهم من وحي الخيال، ولكن يشبهون إلى حد كبير الإنسان في كل يوم.
أما عن التحديات التي واجهتها نور في كتابة روايتها فقد أكدت أنه لا عمل بلا تحديات والتحدي الأصعب الذي واجهها هو الانفصال تام عن الواقع لتعيش، مع شخصيات الرواية وأحداثهم وحياتهم بوجود أشغال وواجبات أخرى عليها القيام بها.
ولإتمام ذلك حاولت نور أن تكون مرنة قدر الإمكان وتعرضت لإخفاق هنا وإغضاب الكثير من حولها هناك حتى جاء اليوم الذي انتهت فيه الرواية وقدمتها إهداءً لهم، فهي محاطة بدائرة مقربة من الناس داعمين لها بشكل رائع وتقول داوود: الحقيقة هي أني لم أستطع التوفيق بين كل ما عليي فعله، ولن أستطع مستقبلاً وهناك الكثير من الأشياء التي أخفقت بها ولكن لا بأس وتوجهت الروائية بالقول لكل سيدة: لا بأس إن لم توفقي، فقط تأكدي أن الحلم الذي يراودك ويدور في رأسك يستحق بعضاً من الفوضى والكثير من الصبر ومن نوبات الغضب، وأضيفي أيضاً لمسة من الجنون مثل لحن تلك الأغنية التي تنقذك في يوم حزين وتجعلك تبتسمين رغماً عن الألم، هي أغنيتك وحدك، استمتعي بها قدر الإمكان.