الثورة – ترجمة رشا غانم:
أصبحت الولايات المتحدة أكثر وضوحاً من أي وقت مضى بشأن تصورها بأن الصين هي التهديد الأول لموقعها كقوة رائدة في العالم، وقد تجلى ذلك مرة أخرى في استراتيجية الولايات المتحدة الوطنية لمكافحة التجسس لعام 2024 التي وقعها الرئيس جو بايدن مؤخراً.
وفي متابعة لاستراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن وخطة العمل لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، تحافظ أحدث استراتيجية لمكافحة التجسس على تركيزها على الصين كمنافس استراتيجي رئيسي.
ووفقاً للوثيقة، تواجه الولايات المتحدة مشهدا استخباراتياً رهيباً حيث “الخصوم الاستخباراتيون الأجانب العدوانيون والقادرون”- بما في ذلك الصين- “يسعون بنشاط لإلحاق ضرر جسيم بالولايات المتحدة وشعبها ومؤسساتها”.
ومثل هذه النظرة المشوهة للعالم كانت رمزا لإدارة بايدن، وبالإضافة إلى تحديد نغمة السياسة العامة للإدارة تجاه الصين، لقد خلق جواً في الكونغرس لتضخيم تهديد من الصين، ولكن يجب المسارعة لتغيير هذا الجو، فهو أمر لا غنى عنه لتحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، فقد تضطر بكين وواشنطن إلى التركيز أكثر على منع المزاعم المناهضة للصين من إغراق العلاقة إلى درجة الانهيار، مما قد يبشر بأسوأ سيناريو.
وفي رؤيتهم الرسمية للعلاقات الثنائية، يواصل الجانبان الحديث عن علاقات صحية وبناءة، لكن الأمور تبدو مختلفة في العالم الحقيقي، وبغض النظر عن عدد المرات التي تؤكد فيها بكين لواشنطن رغبتها في إقامة علاقات ودية، فإن الأخيرة تظل غير مقتنعة، إن لم تكن أكثر ريبة، لدرجة أن بكين تعتقد أن واشنطن مكرسة للحد من تنمية البلاد وإلغاء صعودها لتكون قوة عالمية. وفي غضون ذلك، واشنطن مقتنعة بأن بكين تحاول إنشاء عالم خالٍ من القيادة الأمريكية، فلا ترى واشنطن بديلاً سوى استهداف بكين في كل عالم من “منافستها الاستراتيجية”.
إن قيادة اقتراح وزارة التجارة الأمريكية بفرض حظر على البرامج الصينية في المركبات ذاتية القيادة والمتصلة هي نفس وجهة النظر، ويقال إن القاعدة الجديدة ستمنع البرامج الصينية في المركبات في الولايات المتحدة مع أتمتة المستوى 3 وما فوق، وهذا من شأنه أيضاً أن يحظر بشكل فعال اختبار الطرق الأمريكية للمركبات ذاتية القيادة التي تنتجها الشركات الصينية، وقد تقترح الحكومة الأمريكية أيضا منع المركبات، والتي تحتوي على وحدات اتصالات لاسلكية متقدمة طورتها الصين، من الطرق الأمريكية.
يجب على الولايات المتحدة أن تلتزم بجدية بمبادئ السوق وقواعد التجارة الدولية، وأن تخلق مجالاً متكافئاً للشركات من جميع البلدان، لكن واشنطن لم تعد تأخذ مثل هذه الأمور على أنها قضايا اقتصادية بحتة، إنها تضع بشكل متزايد كل ما يتعلق بالصين في سلة “الأمن القومي”، حيث يبدو أنها غير قادرة على الخروج من حلقة المعلومات المشوهة التي أنشأتها.
المصدر – تشاينا ديلي