الثورة _ هفاف ميهوب:
يرى الفلكي وعالِم الفيزياء البريطاني «مارتن ريز» بأن التطوّر المذهل للتقنيات التكنولوجية الحديثة، بات يشكّل خطراً على البشرية بأكملها، وبأن امتلاك السلاح البيولوجي، جعل هذا الخطر يكمن في «المكننة» والأجهزة الذكيّة متناهية الصِغر، التي يؤدي فقدان السيطرة عليها، إلى إبادة ملايين البشر، بفيروساتٍ فتّاكة يحملها الهواء، ناهيك عن التجارب التي قال عن أخطارها:
«تلك التجارب التي تسحقُ الذرّات، جنباً إلى جنبٍ مع قوّة كبيرة، تتسبّب في تآكلِ كلّ شيءٍ على الأرض، وهناك تجارب يمكن أن تمزّق نسيج الفضاء نفسه، لإحداثِ كارثةٍ نهائية ينتشر غبارها المتسارع بسرعةِ الضوء، ليغمر الكون بأكمله»..
هذا ما حذّر منه «ريز» في «ساعتنا الأخيرة ـ إنذار من عالِم»، الكتاب الذي يحكي فيه عن «صدمة التكنولوجيا» و «إرهاب المعرفة القاتلة» في القرن الحادي والعشرين.. الإرهابٌ النوويّ، والفيروسات المميتة والمعدّلة وراثياً، وانفلات أجهزة من صنعِ الإنسان، وهندسة وراثيّة تغيّر طبيعة البشر، وغير ذلك مما ترتكبه مجموعة من الأشرار، أو ينجم عن خطأ بشري سببه أدوات التكنولوجيا المطوّرة التي تجعلنا نشعر، بأننا «مهدّدين بماكينات نانويّة شريرة، تتكاثرُ تكاثراً كارثياً..»..
نعم، هذا ما حذّر منه هذا العالِم، وبعد أن رأى بأن «العلم بات مصدر قلقٍ للإنسان، بعد أن كان مصدر أمان.. العلم بلا ضمير، بلا قيم، بلا دين، قد يصبح أداة للموتِ والفناء وتعذيب البشر».
إنه ما جعله يؤكد، بأن العلم لا يقترب من نهايته كما يزعم البعض، بل يتسارع في تقدّمه الذي دفعه للسؤال: ماذا عن المستقبل البشري، بل والمستقبل التكنولوجي؟
بيدَ أنه أراد من سؤاله أن يقول: كلّما تطوّرت التكنولوجيا أكثر، ازداد عدد الأشرار وأصبحت الكوارث أكثر خطراً على البشرية، فلا زال أمام العلم الكثير من الأبحاث بشأن الكون والحياة ومصيرهما، وهناك اكتشافات جديدة فيما يتعلّق بالتكنولوجيا والبيولوجيا الحيوية، والهندسة الوراثية واستنساخ البشر.
أراد أن يقول أيضاً: قد تكون ساعات الإنسان الأخيرة، بسبب هذه المعرفة القاتلة، التي تقود إلى تدمير طبيعة الأشياء وحقيقتها، وتثير مخاطر ومشاكل أخلاقية.
كلّ ذلك، كان دافعه لتأليف هذا الكتاب الذي حذّر فيه، من المخاطرِ الطبيعية التي لا يمكن التكهّن بها مستقبلاً، والتي تشكّل تهديداً من الصعوبة تفاديه أو مواجهته، ليكون الخطر الأشدّ تهديداً للكون والبشرية:
«الأضرار الناجمة عن أفعالِ وأفكارِ البشر، ومنها التغييرات المناخية التي لا زالت لغزاً غامضاً.. إنها نتيجة أنشطة وأعمال الإنسان، وهي أخطر وأشدّ فتكاً من الحوادث الطبيعية الكارثية، كالزلازل والبراكين».
تنويه: الملفت بأن التحذيرات التي أطلقها هذا العالم، لم تكن لتجذب انتباه أو اهتمام أيّ إنسان، قبل أن نشهد ونسمع، عن أخطار التجارب البيولوجية، التجارب التي كان قد حذّر من شرورها وأخطائها، وقال عن نتيجة الخطأ في إحداها:
«العام 2020 سيكون عام الخطأ البيولوجي، الذي يتسبّب بمقتلِ مليون إنسان»..
حتماً عرفنا ما هذا الخطأ، وما نجم عنه وعشنا لحظاته الكارثية، فيا ترى، هل ما ينذر به هذا العالِم، بسبب رؤاه، أم هي نبوءة اعتمدت على حسابات فلكية؟..
لا نعرف، ربما تكون نظرة أخلاقية تحذّر من علمٍ بلا أخلاق، أو حتى تخميناتٍ سببها القلق على مستقبل البشر في ظلّ ما أسماه «إرهاب التكنولوجيا والأسلحة البيولوجية»؟..