الثورة – آنا عزيز الخضر:
يشبه المسرح الحياة، وهو الأقرب على الأكثر عندما يركز على قضايا استثنائية مختبئة بين تفاصيل الواقع، فتترك تبعاتها الواسعة على النفس البشرية، وإن كانت تبدو سلوكيات عادية في الحياة اليومية، إلا أن هذه الإشكاليات في العلاقة من شأنها أن تترك سلبياتها، غير المحمولة على الطرف الآخر، خصوصاً أن مهمة المسرح البحث في الجوانب الإنسانية، وعوالمها أحاسيس، ومشاعر، وتفاعلاً وتأثراً.. وكل ما يرتبط بهذا الكيان المرهف، وما قد يحدث في حالة تعرضه للظلم، وما يتركه من تبعات نفسية وإنسانية واجتماعية على الإنسان…
هذه العوالم اكتظ بها العرض المسرحي المونودرامي “المحاضرة” عن نص لتشيخوف من إعداد وإخراج وأداء” فادي الياسين”..
حول العرض وأجوائه وتفاصيله تحدث الفنان “فادي الياسين” قائلاً: قدمت المسرحية حكاية اجتماعية، طارحة إحدى القضايا، التي تعانيها بعض العلاقات الزوجية حول تسلط الزوجة المتنفذة، ذات السلطة والمال على الزوج المطيع، والمستسلم لزوجته، وذلك لمدة ثلاثين عاماً مضت، كانت المسرحية أقرب الى بوح مخزون في نفس مقهورة لأعوام طويلة، فضغوطات كبيرة وكثيرة عاشها الزوج، ولم يستطع الخروج منها،أما الحالة على المسرح… فكانت الرفض والبوح وتجسيد المعاناة، والاستذكار لما تعرض له خلال السنوات الماضية من ظلم اجتماعي ونفسي أثّر على شخصيته، وترك مخلفات سلبية في نفسيته، وكان هناك محاولة للحلم بالخلاص، محاولا التحرر، ولكنه لم يستطع، فبقي ضمن دائرة محدودة، لا يستطع تجاوزها..
وعن اختياري لهذا النص وتجسيده عبر المونودراما كونه له خصوصيته وفيه غنى درامي، وقد وجدت نص تشيخوف يسلط الضوء على مشكلة اجتماعية مناسبة لمجتمعنا، وهو نص جاف نسبيا لذلك تم العمل الجاد عليه مع مشرف العرض محمد سباغ، ثم إعداده ضمن نفس البيئة التي كتبت بها من خلال الموسيقي التصويرية والديكور الواقعي، الذي ساعد في تقديم مشهدية العرض بطريقة خاصة إضافة الى الأداء الواقعي، ثم معايشة الشخصية بعيدا عن التكلف والانفعالات الزائفة، لتتواءم معها ومع الحالة المراد تقديمها، وإيصال مشهدية توضح الفكرة المطروحة، ليمكننا من خلالها تقديم عرض مسرحي يستحق المشاهدة.